للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيضَتَهُم، وَإِنَّ رَبِّي قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّي أَعطَيتُكَ لِأُمَّتِكَ ألا أُهلِكَهُم بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأَلا أُسَلِّطَ عَلَيهِم عَدُوًّا مِن سِوَى أَنفُسِهِم يَستَبِيحُ بَيضَتَهُم، وَلَو اجتَمَعَ عَلَيهِم مَن بِأَقطَارِهَا - أَو قَالَ: مَن بَينَ أَقطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعضُهُم يُهلِكُ بَعضًا وَيَسبِي بَعضُهُم بَعضًا.

رواه مسلم (٢٨٨٩) (١٩)، وابن ماجه (٣٩٥٢).

[٢٧٨٨] وعن سعد بن أبي وقاص أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَقبَلَ ذَاتَ يَومٍ مِن العَالِيَةِ - في رواية: في طائفة من أصحابه - حَتَّى إِذَا مَرَّ بِمَسجِدِ بَنِي مُعَاوِيَةَ دَخَلَ فَرَكَعَ فِيهِ رَكعَتَينِ، وَصَلَّينَا مَعَهُ، وَدَعَا رَبَّهُ طَوِيلًا، ثُمَّ انصَرَفَ

ــ

معظمهم وجماعتهم، وفي الصحاح: بيضة كل شيء: حوزته، وبيضة القوم: ساحتهم، وعلى هذا فيكون معنى الحديث: أن الله تعالى لا يسلط العدو على كافة المسلمين حتى يستبيح جميع ما حازوه من البلاد والأرض، ولو اجتمع عليهم كل من بين أقطار الأرض، وهي: جوانبها.

و(قوله: حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا) ظاهر (حتى): الغاية، فيقتضي ظاهر هذا الكلام: أنه لا يسلط عليهم عدوهم فيستبيحهم، إلا إذا كان منهم إهلاك بعضهم لبعض، وسبي بعضهم لبعض. وحاصل هذا أنه إذا كان من المسلمين ذلك تفرقت جماعتهم، واشتغل بعضهم ببعض عن جهاد العدو، فقويت شوكة العدو واستولى، كما شاهدناه في أزماننا هذه في المشرق والمغرب، وذلك أنه لما اختلف ملوك الشرق، وتجادلوا استولوا كافر الترك على جميع عراق العجم، ولما اختلف ملوك المغرب وتجادلوا استولت الإفرنج على جميع بلاد الأندلس، والجزر القريبة منها، وها هم قد طمعوا في جميع بلاد الإسلام، فنسأل الله أن يتدارك المسلمين بالعفو والنصر واللطف. ولا يصح أن يكون (حتى) هنا بمعنى كي، لفساد المعنى، فتدبره.

<<  <  ج: ص:  >  >>