للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ببصرى، وهي بالشام، فيعني - والله تعالى أعلم - أن هذه النار الخارجة من قعر عدن تمر بأرض الحجاز مقبلة إلى الشام، فإذا قاربت الشام أضاءت ما بينها وبين بصرى حتى ترى بسبب ضوئها أعناق الإبل، ويقال: ضاوت النار وأضاءت، لغتان. وبصرى - بضم الباء - هي مدينة من مدن الشام. قيل: هي حوران. وقيل: قيسارية (١).

و(قوله: إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى) يعني - والله أعلم - أول الآيات الكائنة في زمان ارتفاع التوبة والطبع على كل قلب بما فيه؛ لأنَّ ما قبل طلوع الشمس من مغربها التوبة فيه مقبولة، وإيمان الكافر يصح فيه، بدليل ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمن من عليها، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا (٢). ومعنى قوله: إذا طلعت ورآها الناس آمن من عليها أي: حصل لجميع من على الأرض التصديق الضروري بأمور القيامة الذي لا يكلف به ولا ينفع صاحبه، لكون أمور الآخرة معاينة، وإنما كان طلوع الشمس مخصوصا بذلك؛ لأنَّه أول تغيير هذا العالم العلوي الذي لم يشاهد فيه تغيير منذ خلقه الله تعالى، وإلى ذلك الوقت، وأما ما قبله من الآيات فقد شوهد ما يقرب من نوعه، فإذا كان ذلك وطبع على كل قلب بما فيه من كفر أو إيمان، أخرج الله الدابة معرفة لما في بواطن الناس من إيمان أو كفر، فتكلمهم بذلك. أي: تعرف المؤمن من الكافر بالكلام، وتسم وجوه الفريقين بالنفح، فينتقش وصفه في جبهته مؤمن أو كافر، حتى يتعارف الناس بذلك، فيقول المؤمن للكافر: بكم سلعتك


(١) بصرى: مدينة أثرية في سهل حوران جنوب دمشق. أما قيساريّة: فهي مدينة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إلى الجنوب من مدينة حيفا بفلسطين.
(٢) رواه أبو داود (٤٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>