[٢٨٠٨] وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبلغ المساكن إهاب - أو: يهاب - قال زهير: قلت لسهيل: وكم ذلك من المدينة؟ قال: كذا وكذا ميلا.
رواه مسلم (٢٩٠٣).
ــ
يا كافر؟ ويقول الكافر: بكذا يا مؤمن، ثم يبقى الناس على ذلك ما شاء الله، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام، فلا يبقى أحد على وجه الأرض في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته، على ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو الآتي بعد هذا، وغيره. وقد تقدَّم في كتاب الإيمان حديث أبي هريرة الذي قال فيه: ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، ودابة الأرض، وذكر من جملة الثلاث: الدجال (١). ويلزم عليه أن يرتفع التكليف بالإيمان وبالتوبة عند خروجه. والأحاديث الآتية في صفة الدجال تدل على خلاف ذلك على ما سنبينه، فدل على أن ذكر الدجال مع الطلوع والدابة، وهم من بعض الرواة، والله تعالى أعلم.
وقد اختلفت الآثار والأقوال في أول الآيات المذكورة، وما ذكرته أشبهها وأولاها، إن شاء الله تعالى.
و(قوله: تبلغ المساكن إهاب أو يهاب) فالأول بكسر الهمزة، والثاني بالياء المكسورة عند أكثرهم، وعند ابن عيسى: أو نهاب، بالنون المكسورة، وهو موضع بينه وبين المدينة القدر الذي كنى عنه سهيل بكذا كذا ميلا. وقد تقدَّم أن من أهل اللسان من حمل هذا على الأعداد المعطوفة التي أولها أحد وعشرون، وآخرها تسعة وتسعون، وهذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بأن الناس يكثرون بالمدينة، ويتسعون في مساكنها وبنيانها، حتى يصل بنيانهم ومساكنهم إلى هذا الموضع، وقد كان ذلك - والله تعالى أعلم - في مدة بني أمية، ثم بعد ذلك تناقص أمرها إلى أن أقفرت جهاتها كما تقدَّم.