للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غَيرِي، اذهَبُوا إِلَى مُوسَى. فَيَأتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى! أَنتَ رَسُولُ اللهِ، فَضَّلَكَ اللهُ بِرِسَالاتِهِ وَبِكلامِهِ عَلَى النَّاسِ، اشفَع لَنَا إِلَى رَبِّكَ.

ــ

ومنها قوله: إِنِّي سَقِيمٌ هذا تعريض، وحقيقته أنه سيسقم، واسم الفاعل بمعنى المستقبل كثير، ويحتمل أن يريد به أنه سقيم الحجة على الخروج معكم؛ إذ كان لا يصح على جواز ذلك حجة.

ومنها ما جاء في حديث إبراهيم أنّه قال قوله لزوجه سارة حين دخل أرض الجبار فسئل عنها فقال: إنها أختي. وصدق، فإنها أخته في الإسلام، وكذلك جاء عنه منصوصًا أنّه قال: إنما أنتِ أختي في الإسلام.

وعلى الجملة فأوجه هذه الأمور واضحة وصدقها معلوم على الأوجه المذكورة، فليس في شيء منها ما يقتضي عتابًا ولا عقابًا، لكن هول المقام وشدة الأمر حمله على ذلك (١) الخوف منها، وأيضًا فلنتبيّن درجة من يقول: نفسي نفسي من درجة من يقول: أمتي أمتي.

وموسى سمي بذلك؛ لأنه وجد بين موشِى بالعبرية؛ أي: الماء والشجر فعرب، والجمع موسَون في الرفع، وبالياء في النصب والجر عند البصريين، وعند الكوفيين موسُون بضم السين وموسِين بكسرها.

و(قوله: وفضلك الله برسالاته وبكلامه) هذه إشارة إلى قوله تعالى: {إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} ولا خلاف بين أهل السنة في أن موسى سمع كلام الله الذي لا يشبهه كلام البشر الذي ليس بصوت ولا حرف، ولو سمعه بالحرف والصوت لما صحّت خصوصية الفضيلة لموسى بذلك؛ إذ قد سمع كلامه تعالى بواسطة الحرف والصوت المشترِك، كما قال تعالى: وَإِن أَحَدٌ مِنَ المُشرِكِينَ استَجَارَكَ فَأَجِرهُ حَتَّى يَسمَعَ كَلَامَ اللَّهِ واستيفاء الكلام على هذه المسألة سؤالاً وجوابًا في كتب الكلام.


(١) من (ل).

<<  <  ج: ص:  >  >>