للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: قال: فَيَأمُرُ بِهِ الدَّجَّالُ فَيُشَبَّحُ فَيَقُولُ: خُذُوهُ وَشُجُّوهُ، فَيُوسَعُ ظَهرُهُ وَبَطنُهُ ضَربًا، قَالَ: فَيَقُولُ: أَمَا تُؤمِنُ بِي؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنتَ المَسِيحُ الكَذَّابُ، قَالَ: فَيُؤمَرُ بِهِ فَيُؤشَرُ بِالمِئشَارِ مِن مَفرِقِهِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَينَ

ــ

أو منزلة قرائن الأحوال على اختلاف العلماء في ذلك. وذلك لا يحصل إلا إذا سلمت عما يشهد بنقيضها، ولم يسلم في حق الدجال؛ إذ المكذب لدعواه ملازم له عقلا، فلا دلالة لذلك الاقتران على صدقه؛ إذ لا يمكن مع وجود ما يدل على كذبه قطعا أن نقول: إن تلك الخوارق التي ظهرت على يديه تنزلت منزلة قول الله له: صدقت، كما أمكن ذلك في حق النبي الذي يسلم عما يكذبه، وحاصل هذا البحث: أن ما يدل بذاته لا يعارضه ما يدل بغير عينه. ولتفصيل هذا علم الكلام. وبما ذكرنا يُعلم قطعا: أن إظهار هذه الخوارق على يدي الدجال لم يقصد بها تصديقه، وإنما قصد بها أمر آخر، وهذا ما أخبرنا به (ل ادق صلى الله عليه وسلم أنها فتن ومحن امتحن الله بها عباده ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. وذلك على ما سبق به علمه ونفذ به حكمه، لا يسأل عما يفعل.

و(قوله: فيأمر به الدجال فيشبح) أي: يمد، ومنه قولهم: الحرباء تشبح على الأعواد أي: تمتد. ومشهور الرواية هكذا، وقد روى السمرقندي وابن ماهان: فشجوه في رأسه بشجاج، وليس هذا بشيء؛ لأنَّه قد جاء بعده ما يبعده ويبين أن المراد خلاف ذلك.

و(قوله: فيؤمر به فيوسع ظهره وبطنه ضربا) أي: يعمم جميعه حتى لا يترك منه موضع إلا يُضربه، وهو مأخوذ من السعة والاتساع.

و(قوله: فيؤمر به فيؤشر بالمئشار) والرواية: يؤشر، بالياء، والمئشار بالهمز، وهو الصحيح المعروف، ويقال بالنون فيهما، وهذا يدلّ على أن هذا الرجل المكذب للدجال نشره الدجال بالمنشار، وقد تقدَّم في حديث النواس: أنه قطعه بالسيف جزلتين كرمية الغرض، فيحتمل أن يكون كل واحد منهما غير

<<  <  ج: ص:  >  >>