للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَلا تَرَى مَا قَد بَلَغَنَا؟ فَأَنطَلِقُ فَآتِي تَحتَ العَرشِ فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفتَحُ اللهُ عَلَيَّ وَيُلهِمُنِي مِن مَحَامِدِهِ وَحُسنِ الثَّنَاءِ عَلَيهِ شَيئًا لَم يَفتَحهُ لأَحَدٍ قَبلِي، ثُمَّ يقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! ارفَع رَأسَكَ، سَل تُعطَهِ، اشفَع تُشَفَّع. فَأَرفَعُ رَأسِي

ــ

قائل: بالوقوع، ومِن قائل بمنع ذلك. والقول الوسط في ذلك: أن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب من بعضهم ونسبها إليهم وعاتبهم عليها، وأخبروا بها عن نفوسهم وتنصلوا منها واستغفروا وتابوا. وكل ذلك ورد في مواضع كثيرة لا تقبل التأويلات بجملتها، وإن قبل ذلك آحادها.

لكن الذي ينبغي أن يقال: إنّ الذي أضيف إليهم من الذنوب ليس من قبيل الكبائر ولا مما يُزري بمناصبهم على ما تقدم، ولا كثر منهم وقوع ذلك، وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم، وعوتبوا عليها يخف أمرها بالنسبة إلى غيرهم، وإنما عُددت عليهم وعوتبوا عليها بالنسبة إلى مناصبهم وإلى علو أقدارهم؛ إذ قد يؤاخذ الوزير بما يُثاب عليه السائس (١). ولقد أحسن الجنيد (٢) حيث قال: حسنات الأبرار سيئات المقربين، فهم وإن كانوا قد شهدت النصوص بوقوع ذنوب منهم، فلم يُخِلّ ذلك بمناصبهم، ولا قدح ذلك في رتبتهم، بل قد تلافاهم واجتباهم وهداهم، ومدحهم وزكّاهم واختارهم واصطفاهم - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين إلى يوم الدين - والكلام على هذه المسألة تفصيلا يستدعي تطويلا، وفيما ذكرناه كفاية، والله الموفق للهداية.

و(قوله: فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا) قد زاد عليه في حديث أنس: فأنطلق فأستأذن على ربي فيؤذن لي، فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد، ثم أخِرّ


(١) "السائس": رائِض الدّواب ومُدَرِّبها.
(٢) هو الجُنَيْدُ بن محمد الخزاز، أبو القاسم: من العلماء بالدين، ومن علماء التصوّف المشهورين. توفي سنة (٢٩٧ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>