للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ساجدًا (١). وبمجموع الحديثين يكمل المعنى، ويعلم مراعاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لآداب الحضرة العليّة. ثم اعلم أن هذا الانطلاق من النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو إلى جنة الفردوس التي هي أعلى الجنة، وفوقها عرش الرحمن كما جاء في الصحيح؛ بناء على أن لا محل هناك إلا الجنة والنار، وعلى أنّ العرش محيط بأعلى الجنة، والله تعالى أعلم.

ولا شكّ في أن دخول الجنة هو المحلّ الكريم، لا بد فيه من استئذان الخزنة، وعن هذا عبّر بقوله - عليه الصلاة والسلام -: فأستأذن على ربي، ولا يُفهم من هذا ما جرت به عاداتنا في أن المستأذَن عليه قد احتجب بداره وأحاطت به جهاته، فإذا استؤذن عليه فأذِن، دخل المستأذن معه فيما أحاط به؛ إذ كل ذلك على الله محال، فإنه منزّه عن الجسمية ولوازمها على ما تقدم.

والعرش في أصل اللغة الرفع، ومنه قوله: {مَعرُوشَاتٍ وَغَيرَ مَعرُوشَاتٍ}؛ أي: مرفوعات القضبان، قاله ابن عباس، أو مرفوعات الحيطان على قول غيره، ومنه سمي السرير وسقف البيت عرشًا، ويقال: لما يُستظَلُّ به عرش وعريش، وإضافته إلى الله تعالى على جهة الملك أو التشريف، لا لأنّ الله استقرّ عليه أو استظلّ به كما قد توهمه بعض الجُهّال في الاستقرار، وذلك على الله محال؛ إذ يستحيل عليه الجسمية ولواحقها (٢).

تنبيه: في حديث أبي هريرة: إن المحامد كانت بعد السجود، وفي حديث أنس قبل السجود في حالة القيام، وذلك يدل على أنه - عليه الصلاة والسلام - أكثر من التحميد والثناء في هذا المقام كله في قيامه وسجوده إلى أن أسعف في طلبته.


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (ع).
(٢) مذهب السلف في الصفات الإلهية إثباتُ ما أثبت الله تعالى لنفسه، دون تأويل، أو تشبيه، أو تكييف.

<<  <  ج: ص:  >  >>