للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! أُمَّتِي. أُمَّتِي.

ــ

و(قوله: فأقول يا ربِّ أمتي أمتي، فيقال: يا محمدُ، أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه) هذا يدل على أنه شفع فيما طلبه من تعجيل حساب أهل الموقفِ، فإنه لما أُمِر بإدخال من لا حساب عليه من أمته، فقد شُرِع في حساب من عليه حِساب من أمته وغيرهم، ولذلك قال في الرواية الأخرى: فيؤذن له وتُرسَل الأمانة والرحم، فيقومان جنبتي الصراط. هذا المساق أحسن من مساق حديث معبد عن أنس، فإنه ذكر فيه عقيب استشفاعه لأهل الموقف أنه أجيب بشفاعته لأمته، وليست الشفاعة العامة التي طلب منه أهل الموقف. وكأن هذا الحديث سُكِت فيه عن هذه الشفاعة فذُكِرت شفاعته لأمته؛ لأن هذه الشفاعة هي التي طلبت من أنس أن يحدّث بها في ذلك الوقت، وهي التي أنكرها أهل البدع، والله أعلم.

قال القاضي عياض: شفاعات سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة أربعٌ:

الأولى: شفاعته العامة لأهل الموقف؛ ليعجِّل حسابهم ويُراحوا من هول موقفهم، وهي الخاصة به - صلى الله عليه وسلم -.

الثانية: في إدخال قوم الجنة دون حساب.

الثالثة: في قوم من موحدي أمته استوجبوا النار بذنوبهم، فيخرجون من النار ويدخلون الجنة بشفاعته، وهذه الشفاعة هي التي أنكرتها المبتدعةُ الخوارج والمعتزلة، فمنعتها على أصولهم الفاسدة، وهي الاستحقاق العقلي المبني على التحسين والتقبيح العقليَّين، وتلك الأصول قد استأصلها أئمتنا في كتبهم أنها مصادمة لأدلة الكتاب والسنة الدالة على وقوع الشفاعة في الآخرة. ومن تصفح الشريعة والكتاب والسنة وأقوال الصحابة وابتهالهم إلى الله تعالى في الشفاعة علم على الضرورة صحة ذلك وفساد قول من خالف في ذلك.

الرابعة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها وترفيعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>