وقد يكون مظنونا، فلذلك اختلف العلماء في تفسير هذا الحديث هل هو بمعنى العلم أو بمعنى الظن؛ فقال بعضهم: خفتم علمتم، وقال آخرون: خفتم ظننتم، وحقيقة الخوف ما ذكرناه أولا. {وَتُقسِطُوا} تعدلوا. وقد تقدَّم أن أقسط بمعنى عدل، وقسط بمعنى جار. وقد تقدم أن اليتم في بني آدم من قِبل فقد الأب، وفي غيرهم من قبل فقد الأم، وأن اليتيم إنما أصله أن يقال على من لم يبلغ، وقد أطلق في هذه الآية على المحجور عليها - صغيرة كانت أو كبيرة - استصحابا لإطلاق اسم اليتيم لبقاء الحجر عليها، وإنما قلنا إن اليتيمة الكبيرة قد دخلت في الآية لأنَّها قد أبيح العقد عليها في الآية، ولا تُنكح اليتيمة الصغيرة إذ لا إذن لها، فإذا بلغت جاز نكاحها لكن بإذنها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما خرج الدارقطني وغيره في بنت عثمان بن مظعون وأنها يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها (١)، وهذا مذهب الجمهور خلافا لأبي حنيفة فإنَّه قال: إذا بلغت لم تحتج إلى ولي، بناء على أصله في عدم اشتراط الولي في صحة النكاح - كما قدمناه في كتاب النكاح.
و(قوله {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ})، قد تقدَّم أن ما أصلها لما لا يعقل، وقد تجيء بمعنى الذي فتطلق على من يعقل، كما جاءت في هذه الآية فإنَّها فيها للنساء وهن ممن يعقل، ولا يُلتفت لقول من قال: إن المراد بها هنا العقد؛ لقوله تعالى بعد ذلك من النساء مبينا لمبهم ما.
و(قوله: {مَثنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ})، قد فَهِم مِن هذا مَن بَعُد فَهمُه للكتاب