للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَالَّذِينَ لا يَدعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالحَقِّ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكِّيَّةٌ نَسَخَتهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ: {وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}

ــ

أبي هريرة - رضي الله عنه - في الذي قتل مائة نفس، وكحديث جابر في الذي قتل نفسه بقطعه براجمه، وقد تقدَّم كل ذلك.

و(قول ابن عباس رضي الله عنهما هذه آية مكية نسختها آية مدنية) قول لا يليق بعلم ابن عباس ولا بفهمه؛ لأنَّه إن أراد به حقيقة النسخ كان غير صحيح، لأن الآية خبر عن وقوع العذاب بمن فعل تلك الأمور المذكورة في الآية، والنسخ لا يدخل الأخبار كما قررناه في الأصول، سلمنا أنه يدخلها النسخ، لكن الجمع بين الآيتين ممكن بحيث لا يبقى بينهما تعارض، وذلك بأن يُحمل مطلق آية النساء على مقيد آية الفرقان، فيكون معناها: فجزاؤه جهنم إلا من تاب، لا سيما وقد اتحد الموجِب وهو القتل والموجَب وهو المتوعد بالعقاب، وقد قلنا في أصول الفقه: إن مثل هذه الصورة متفق عليها.

وقد تأول جمهور العلماء آية سورة النساء تأويلات:

أحدها: أن المتعمد المعنى فيها هو المستحل لقتل المسلم، ومن كان كذلك كان كافرا.

وثانيها: أن قوله {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} لا يلزم منه دخوله في جهنم ولا بد؛ لأنَّ معناه: إن جازاه، وقد رُفع هذا التقييد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

قلت: وتحري هذا القول أن قوله {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} هو خبر عن استحقاقه لذلك لا عن وقوع ذلك، ويجوز العفو عن المستحق، وحاصله راجع إلى القول بموجب الآية، فلا دلالة فيها.

وثالثها: أن الخلود ليس نصا في التأبيد الذي لا انقطاع له، بل مقتضاه

<<  <  ج: ص:  >  >>