للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَفعَلُ. ثُمَّ أَرجِعُ إِلَى رَبِّي فَأَحمَدُهُ بِتِلكَ المَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا. فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارفَع رَأسَكَ، وَقُل يُسمَع لَكَ، وَسَل تُعطَه، وَاشفَع تُشَفَّع. فَأَقُولُ: أُمَّتِي. أُمَّتِي. فَيُقَالُ لِي انطَلِق فَمَن كَانَ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ فَأَخرِجهُ مِنهَا. فَأَنطَلِقُ فَأَفعَلُ. ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي فَأَحمَدُهُ بِتِلكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا. فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارفَع رَأسَكَ، وَقُل يُسمَع لَكَ، وَسَل تُعطَه، وَاشفَع تُشَفَّع، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! أُمَّتِي. أُمَّتِي. فَيُقَالُ لِي: انطَلِق فَمَن كَانَ فِي قَلبِهِ أَدنَى أَدنَى أَدنَى مِن مِثقَالِ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ مِن إِيمَانٍ فَأَخرِجهُ مِنَ النَّارِ. فَأَنطَلِقُ فَأَفعَلُ.

ــ

وهذا معقول، غير أنّ حملَ هذا الحديث عليه فيه بعدٌ؛ لما جاء من حديث أبي سعيد (١)، حيث قال الشافعون: لم نذر فيها خيرًا؛ مع أنه تعالى مخرج بعد ذلك جموعًا كثيرة ممن يقول: لا إله إلا الله وهم مؤمنون قطعًا، ولو لم يكونوا مؤمنين، لما خرجوا بوجهٍ من الوجوه، ولذلك قال تعالى: لأُخرّجن من قال لا إله إلا الله. وعن إخراج هؤلاء عبّر بقوله: فيقبض قبضةً فيخرج قومًا لم يعملوا خيرًا قط، فإذًا الأصحّ في تأويل هذا الحديث أن يكون الإيمان هنا أطلق على أعمال القلوب، كالنية والإخلاص والخوف والنصيحة وشبه ذلك من أعمال القلوب (٢)، وسمّاها إيمانًا؛ لكونها في محل الإيمان أو عن الإيمان، على عادة العرب في تسمية الشيء باسم الشيء إذا جاوره، أو كان منه بسبب. وإنما قلنا: أراد به أعمال القلوب هنا دون أعمال الأبدان، لقوله: من كان في قلبه ووجدتم في قلبه فخصّه بالقلب، ولا جائز أن يكون التصديق على ما تقدّم، فتعيّن ما قلناه، والله أعلم. وذكر الحبّة ونصفها والمثقال ونصفه وأدنى من ذلك، هي كلها عبارات عن كثرة تلك الأعمال وقلتها.


(١) حديثُ أبي سعيد يأتي برقم (١٤٩).
(٢) ساقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>