للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا حَدِيثُ مَعبَد عَن أَنَسٍ، وَزَادَ الحَسَنِ عَنهُ: ثُمَّ أَرجِعُ إِلَى رَبِّي فِي الرَّابِعَةِ، فَأَحمَدُهُ بِتِلكَ المَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ! ارفَع رَأسَكَ، وَقُل يُسمَع لَكَ، وَسَل تُعطَ، وَاشفَع تُشَفَّع، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ! ائذَن لِي فِيمَن قَالَ: لا إِلهَ إِلا اللهُ. قَالَ: لَيسَ ذَاكَ لَكَ - أو قَالَ: لَيسَ ذاكَ إِلَيكَ - وَلَكِن وَعِزَّتِي! وَكِبرِيَائِي! وَعَظَمَتِي! وَجِبرِيَائِي! لأُخرِجَنَّ مَن قَالَ: لا إِلهَ إِلا اللهُ.

رواه البخاري (٧٥١٠)، ومسلم (١٩٣).

* * *

ــ

و(قوله: وعزتي وكبريائي وعظمتي) العزّة: القوة والغلبة، ومنه: وَعَزَّنِي فِي الخِطَابِ؛ أي: غلبني، ويقال أيضًا: عزَّ الشيء إذا قلّ، فلا يكاد يوجد مثله، يعِزّ عِزًّا وعزازة، وعزّ يعِزُّ عزَّةً، إذا صار قويًّا بعد ضعف وذلَّةً، فعزّة الله تعالى قهره للجبابرة وقوَّته الباهرة، وهو مع ذلك عديم المثل والنظير: لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ.

وأما الكبرياء والكِبر، فكلاهما مصدر كَبر في نفسه يكبر، وأصله من كِبَر السن أو كِبَر الجرم، لكن صار ذلك بحكم عُرف الاستعمال عبارة عن حصول كمال الذات يستلزم ترفيعا لها على الغير. ومن هاهنا كان الكبر قبيحًا ممنوعًا في حقنا، واجبًا في حق الله تعالى. وبيانه: أنَّ الكمال الحقيقيَّ المطلق لا يصحّ إلا لله تعالى، وكمال غيره إنما هو عرض نسبيّ، فإذا وصَف الحقُ نفسَه بالكِبَر ونسبه إليه، كانت النسبة حقيقةً في حقه؛ إذ لا أكملَ منه ولا أرفعَ، فكلّ كاملٍ ناقص، وكل رفيع محتقر بالنسبة إلى كماله وجلاله. والعظمة بمعنى الكبرياء، غير أنها لا تستدعي غيرًا يُتَعاظم عليه كما يستدعيه الكِبر على ما بيّنا، وأيضًا فقد يُستعمل الكبير فيما لا يُستعمل فيه العظيم، فيقال: فلان كبير السنِّ، ولا يقال: عظيم السن.

و(قوله: وجِبريائي بكسر الجيم، فمعناه: بجبروتي، والجبّار: العظيم

<<  <  ج: ص:  >  >>