للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَكِنِّي كُنتُ أَرجُو أَن يَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي النَّومِ رُؤيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بِهَا.

قَالَت: فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَجلِسَهُ وَلَا خَرَجَ مِن أَهلِ البَيتِ أَحَدٌ حَتَّى أَنزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأخُذُهُ مِن البُرَحَاءِ عِندَ الوَحيِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنهُ مِثلُ الجُمَانِ مِن العَرَقِ فِي اليَومِ الشَّاتِي مِن ثِقَلِ القَولِ الَّذِي أُنزِلَ عَلَيهِ.

قَالَت: فَلَمَّا سُرِّيَ عَن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَن قَالَ: أَبشِرِي يَا عَائِشَةُ! أَمَّا اللَّهُ فَقَد بَرَّأَكِ. فَقَالَت لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيهِ! فَقُلتُ: وَاللَّهِ

ــ

أنفسهم وترك الالتفات إلى أعمالهم ولا إلى أحوالهم، وتجريد النظر إلى لطف الله ومنته وعفوه ورحمته وكرمه ومغفرته. وقد اغتر كثير من الجهال بالأعمال فلاحظوا أنفسهم بعين استحقاق الكرامات وإجابة الدعوات، وزعموا أنهم ممن يُتبرك بلقائهم ويُغتنم صالح دعائهم، وأنهم يجب احترامهم وتعظيمهم فيُتمسح بأثوابهم وتُقبَّل أيديهم، ويرون أن لهم من المكانة عند الله بحيث ينتقم لهم ممن تنقصهم في الحال وأن يؤخذ من أساء الأدب عليهم من غير إمهال، وهذه كلها نتائج الجهل العميم والعقل غير المستقيم؛ فإنَّ ذلك إنما يصدر من جاهل معجب بنفسه غافل عن جرمه وذنبه، مغتر بإمهال الله - عز وجل - له عن أخذه. ولقد غلب أمثال هؤلاء الأنذال في هذه الأزمان، فاستتبعوا العوام، وعظمت بسببهم على أهل الدين المصائب والطوام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وهذه نفثات مصدور، وإلى الله عاقبة الأمور.

و(قولها فما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه)؛ أي: ما برحه ولا قام عنه. يقال: رامه يريمه ريما؛ أي: برحه ولازمه، ويقال: رمت فلانا، ورمت من عند فلان. قال الأعشى:

أبانا فلا رِمت من عندنا ... فإنا بخير إذا لم ترم

<<  <  ج: ص:  >  >>