وطلبوا المفاخرة، قام خطيبهم فافتخر في خطبته. ثم قام ثابت بن قيس فخطب خطبة بليغة جزلة فغلبهم، وقام شاعرهم وهو الأقرع بن حابس فأنشد:
أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا ... إذا خالفونا عند ذكر المكارم
وإنا رؤوس الناس من كل معشر ... وأن ليس في أرض الحجاز كدارم
فقام حسان فقال:
بني دارم لا تفخروا إن فخركم ... يعود وبالا عند ذكر المكارم
هُبِلتم علينا تفخرون وأنتم ... لنا خول من بين ظئر وخادم
فقالوا: خطيبهم أخطب من خطيبنا، وشاعرهم أشعر من شاعرنا، فارتفعت أصواتهم، فأنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرفَعُوا أَصوَاتَكُم فَوقَ صَوتِ النَّبِيِّ وَلا تَجهَرُوا لَهُ بِالقَولِ} ولما نزلت جلس ثابت في بيته، فكان كما ذكر في الأصل، وقال عطاء الخراساني: حدثتني ابنة ثابت بن قيس، قالت: لما نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرفَعُوا أَصوَاتَكُم فَوقَ صَوتِ النَّبِيِّ} الآية، دخل أبوها بيته وأغلق عليه بابه، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه يسأله: ما خبره؟ فقال: أنا رجل شديد الصوت أخاف أن يكون حبط عملي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لست منهم، بل تعيش بخير وتموت بخير. قال: ثم أنزل الله: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختَالٍ فَخُورٍ} فأغلق بابه وطفق يبكي، ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه: ما خبره؟ فقال: يا رسول الله إني أحب الجمال وأحب أن أسود قومي، فقال: