للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحَدٌ. إِذ رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ، فَظَنَنتُ أَنَّهُم أُمَّتِي، فَقِيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ. وَلَكِنِ انظُر إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرتُ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ. فَقِيلَ لِي: انظُر إِلَى الأُفُقِ الآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ. فَقِيلَ لِي: هَذِهِ أُمَّتُكَ، وَمَعَهُم سَبعُونَ أَلفًا يَدخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ. ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنزِلَهُ، فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعضُهم: فَلَعَلَّهُمِ الَّذِينَ صَحِبُوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ بَعضُهُم: فَلَعَلَّهُم الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسلامِ وَلَم يُشرِكُوا بِاللهِ، وَذَكَرُوا أَشيَاءَ. فَخَرَجَ عَلَيهِم رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟ فَأَخبَرُوهُ. فَقَالَ: هُمِ الَّذِينَ لا يَرقُونَ، وَلا يَستَرقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ،

ــ

وقد اختلفت الرواية عن مالك في إجازة رقية أهل الكتاب للمسلم، فأجازها مرّةً إذا رقى بكتاب الله، ومنعها أخرى؛ إذ لا يُدرى ما الذي يرقي به.

و(قوله: فإذا سواد عظيم) يعني به: أشخاصًا كثيرةً، وجمعه أَسوِدَة، وقد تقدّم.

و(قوله: هم الذين لا يرقون ولا يستَرقَون ولا يكتوون ولا يتطيّرون) اختلف الناس في معنى هذا الحديث وعلى ماذا يُحمل؟ فحمله الإمام المازَرِيّ - رحمه الله - على أنّهم الذين جانبوا اعتقاد الطبائعيّين في أنّ الأدوية تنفع بطباعها واعتقاد الجاهليّة في ذلك ورقاهم. وهذا غير لائق بمساق الحديث ولا بمعناه؛ إذ مقصوده إثبات مزيَّةٍ وخصوصيّةٍ لهؤلاء السبعين ألفًا، وما ذكره يرفع المزيّة والخصوصيّة، فإنّ مجانبة اعتقاد ذلك هو حال المسلمين كافَّةً، ومن لم يجانب اعتقاد ذلك لم يكن مسلمًا. ثمّ إنّ ظاهر لفظ الحديث إنّما هو: لا يرقون ولا يكتوون أي: لا يفعلون هذه الأمور، وما ذكره خروج عنه من غير دليل.

وقال الداوديّ. المراد بذلك الذين يجتنبون فعله في الصحّة، فإنّه يُكره

<<  <  ج: ص:  >  >>