للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لمن ليست به علّة أن يتّخذ التمائم ويستعمل الرقى، فأمّا من يستعمل ذلك في مرضٍ به فهو جائز. وهذا إن صحّ أن يقال في التمائم وفي بعض الرقى، فلا يصحّ أن يقال في التعويذات، وهي من باب الرقى؛ إذ قد يجوز أن يتعوّذ من الشرور كلّها قبل وقوعها. ولا يصح ذلك في التطبب، فإنه يجوز أن يتحرز من الأدواء قبل وقوعها، وأمّا الكيّ، فيأتي القول فيه إن شاء الله تعالى.

وذهب الخطّابيّ وغيره إلى أنّ وجه ذلك أن يكون تركُها على جهة التوكّل على الله تعالى والرضا بما يقضيه من قضاء وينزل به من بلاء، قال: وهذه أرفع درجات المحقِّقين بالإيمان، قال: وإلى هذا ذهب جماعة من السلف، وسمّاهم. قال القاضي أبو الفضل عياض: وهذا هو ظاهر الحديث؛ ألا ترى قوله: وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ ومضمون كلامه أنّه لا فرق بين ما ذكر من الكيّ والرقى وبين سائر أبواب الطبّ.

وقد ذهب غيره إلى أنّ استعمال الرقى والكيّ قادح في التوكّل بخلاف سائر أنواع الطبّ، فإنّها غير قادحة في التوكّل، وفرّق بين القسمين بأن قال: باب الرقى والكيّ والطِيَرة موهوم (١) فيقدح في التوكل، وما عداها غير موهوم بل محقّق، فيصير كالأكل للغذاء أو الشرب للريّ، فلا يقدح. قال الشيخ: وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أنّ أكثرَ أبواب الطبّ موهومة كالكيّ، فلا معنى لتخصيصه بالكيّ والرقى.

وثانيهما: أنّ الرقى بأسماء الله تعالى هو غاية التوكّل على الله تعالى، فإنّه التجاء إليه، ويتضمّن ذلك رغبته له وتبرّكًا بأسمائه، والتعويل عليه في كشف الضُرّ والبلاء، فإن كان هذا قادحًا في التوكّل، فليكن الدعاء والأذكار قادحا في


(١) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>