للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٨١] وَعَن عَبدِ اللهِ بنِ عمرو؛ قَالَ: رَجَعنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ. حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ. تَعَجَّلَ قَومٌ عِندَ العَصرِ، فَتَوَضَّؤوا وَهُم عِجَالٌ، فَانتَهَينَا إِلَيهِم، وَأَعقَابُهُم تَلُوحُ لَم يَمَسَّهَا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: وَيلٌ لِلأعقَابِ مِنَ النَّارِ. أَسبِغُوا الوُضُوءَ.

ــ

وويلاً له بالرفع على الابتداء، والنصب على إضمارِ الفعلِ، فإن أضفته لم يَكُن إلا النصب؛ لأنك لو رفعته لم يكن له خبرٌ.

والأعقاب: جمع عقبٍ، وعقب كل شيء: آخره، والعراقيب: جمع عرقوب، وهو العصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان، وعرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يَدِها، قال الأصمعي: وكل ذي أربع فعرقوباه في رجليه، وركبتاه في يديه. ومعنى ذلك: أن الأعقاب والعراقيب تعذب إن لم تعمم بالغسل.

وهذه الأحاديث كلها تدل على أن فرض الرجلين الغسل، لا المسح، وهو مذهب جمهور السلف وأئمة الفتوى، وقد حكي عن ابن عباس وأنس وعكرمة: أن فرضهما المسح إن صح ذلك عنهما، وهو مذهب الشيعة.

وذهب ابن جرير الطبري: إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح، وسبب الخلاف اختلاف القراء (١)، في قوله تعالى: وَأَرجُلَكُم بالخفض والنصب، وقد أكثر الناس في تأويل هاتين القراءتين. والذي ينبغي أن يقال: إن قراءة الخفض عطف على الرأس فهما يُمسحان. لكن إذا كان عليهما خُفان، وتلقينا هذا القيد من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لم يصح عنه أنه مسح رجليه إلا وعليهما خُفان. والمتواتر عنه غسلهما، فبيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله الحال الذي تغسل فيه الرجل، والحال الذي تمسح فيه (٢)، فليكتف بهذا فإنه بالغ، وقد طولنا النفس في هذه المسألة في (٣) كتابنا في شرح التلقين أعان الله على تمامه.


(١) في (ل): القراءة.
(٢) في (ع): به.
(٣) سقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>