للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ يَدَهُ اليُسرَى حَتَّى أَشرَعَ فِي العَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجلَهُ اليُمنَى حَتَّى أَشرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجلَهُ اليُسرَى حَتَّى أَشرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ. وَقَالَ: قَالَ

ــ

مَدَّ يده بالغسل إلى العضُدِ، وكذلك: حتى أشرع في الساق أي: مَدَّ يدهُ إليه، من قولهم: أشرعت الرمح قِبَله؛ أي: مددته إليه، وسددته نحوهُ، وأشرع بابًا إلى الطريق؛ أي: فتحه مسددًا إليه، وليس هذا من: شرعت في هذا الأمر، ولا من: شرعت الدواب في الماء بشيء؛ لأن هذا ثلاثي وذاك رباعي. وكان أبو هريرة يبلغ بالوضوء إبطيه وساقيه، وهذا الفعل منه مذهبٌ له، ومما انفرد به، ولم يحكهِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلاً، وإنما استنبطه من قوله - عليه الصلاة والسلام -: أنتم الغر المحجلون. ومن قوله: تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ منه الوضوء. قال أبو الفضل عياض: والناس مجمعون على خلاف هذا، وأن لا يتعدى بالوضوء حدوده لقوله - عليه الصلاة والسلام -: فمن زاد فقد تعدى وظلم (١).

والإشراعُ المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة هو محمول على استيعاب المرفقين والكعبين بالغسل، وعبر عن ذلك بالإشراع في العضد والساق؛ لأنهما مباديهما. وتطويل الغرّة والتحجيل بالمواظبة على الوضوء لكل صلاةٍ وإدامته، فتطول غرته بتقوية نور وجهه، وتحجيله بتضاعف نور أعضائه.

قال الشيخ - رحمه الله -: وأصل الغرة لمعةٌ بيضاء في جبهةِ الفرس، تزيد على قدر الدرهم، يقال منه: فرسٌ أغر، ثم قد استعمل في الجمال والشهرة وطيب الذكر، كما قال (٢):

ثياب بني عوف طهارى نقيةٌ ... وأوجههم عند المشاهد غُرَّار


(١) رواه ابن ماجه (٤٢٢) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٢) هو امرؤ القيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>