رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَنتُمُ الغُرُّ المُحَجَّلُونَ يَومَ القِيَامَةِ، مِن إِسبَاغِ الوُضُوءِ، فَمَنِ استَطَاعَ مِنكُم فَليُطِل غُرَّتَهُ وَتَحجِيلَهُ.
رواه أحمد (٢/ ٤٠٠)، والبخاري (١٣٦)، ومسلم (٢٤٦).
ــ
والتحجيل: بياضٌ في اليدين والرجلين من الفرس، وأصله من الحجل؛ وهو الخلخال والقيد. ولا بد أن يجاوز التحجيل الأرساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين، وهو في هذا الحديث مستعارٌ عبارةً عن النور الذي يعلو أعضاء الوضوء يوم القيامة.
و(قوله: أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين) المقبرة: تقال بفتح الباء وضمها، وتسليمه عليهم لبيان مشروعية ذلك. وفيه معنى الدعاء لهم.
ويدل أيضًا على حسن التعاهُد وكرم العَهدِ، وعلى دوام الحُرمة، ويحتمل أن يَرد الله تعالى أرواحهم فيسمعون ويردون. وقد ذكر أبو عمر بن عبد البر حديثًا صحيحًا عن أبي هريرة مرفوعًا، قال: ما من مسلم يمر بقبر أخيه المسلم كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد عليه السلام من قبره (١). وإتيان النبي - صلى الله عليه وسلم - المقبرة يدل على جواز زيارة القبور. ولا خلاف في جوازه للرجال، وأن النهي عنه قد نسخ، واختلف فيه للنساء على ما يأتي.
و(قوله: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) يحتمل أوجهًا:
أحدها: أنه امتثال لقول الله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} فكان يكثر من ذلك حتى أدخله في ما لا بد منه وهو الموت.
(١) رواه ابن عبد البر في الاستذكار والتمهيد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. انظر: فيض القدير (٥/ ٤٨٧)، وشرح الصدور للسيوطي ص (٢٧٣).