للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَينَ ظَهرَي خَيلٍ دُهمٍ بُهمٍ أَلا يَعرِفُ خَيلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رسولَ الله! قَالَ:

ــ

وسابقوا إلى المكارم. ولو عددت مكارِمُهُم، وفسرت خواصهم، وحصرت لملأت أسفارًا، ولكلت الأعينُ بمطالعتها حيارى.

وعن هذه الجملة قال - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه البزار عن جابر بن عبد الله مرفوعًا: إن الله اختار أصحابي على العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار من أصحابي أربعة - يعني: أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا - فجعلهم أصحابي، وقال: في أصحابي كلهم خير (١). وكذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: اتقوا الله في أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أُحُدٍ ذَهبًا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصِيفَهُ (٢).

وكفى من ذلك كله ثناء الله تعالى عليهم جملة وتفصيلاً، وتعيينًا وإبهامًا، ولم يحصل شيء من ذلك لمن بعدهم. فأما استدلال المخالف بقوله - عليه الصلاة والسلام -: إخواننا فلا حجة فيه؛ لأن الصحابة قد حصل لهم من هذه الأخوة الحظ الأوفر؛ لأنها الأخوة اليقينية العامة، وانفردت الصحابة بخصوصية الصحبة.

وأما قوله: للعامل منهم أجر خمسين منكم، فلا حجَّة فيه؛ لأن ذلك - إن صح - إنما هو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنه قد قال - عليه الصلاة والسلام - في آخرِه: لأنكم تجدون على الخير أعوانًا ولا يجدون، ولا بُعد في أن يكون في بعض الأعمال لغيرهم من الأجور أكثر مما لهم فيه، ولا تلزم منه الفضيلة المطلقة التي هي المطلوبة بهذا البحث، والله أعلم.


(١) رواه البزار كما في كشف الأستار (٢٧٦٣)، وقال الهيثمي: ورجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف (مجمع الزوائد ١٠/ ١٦).
(٢) رواه البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١)، وأبو داود (٤٦٥٨)، والترمذي (٣٨٦٠) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>