و(قوله: وأنا فرطُهمُ على الحوض) أي: متقدمهم إليه، يقال: فرطت القوم: إذا تقدمت لترتاد لهم الماءَ. وعلى وقعت هُنا موقع إلى ويحتمل أن يقدر هناك فعل يدل عليه مساق الكلام، تقديرهُ: فيجدوني على الحوض.
و(قوله: ألا ليذادَنَّ) كذا روايته هاهنا من غير خلاف، واختلف فيه في الموطأ (١) فرُوي: فليذادن بلام القسم. وروي: فلا يُذادنَّ، بلا النافية، وكلاهما صحيح، فاللام على قسم محذوف تقديره: فوالله ليذادن، وبـ لا يكون من باب قولهم: لا أرينك هاهنا؛ أي: لا يتعاطى أسباب الذود عن حوضي، ومعنى ليذادن: ليدفعن. والذود: الدفع. والدهم: جمع أدهم، وهو الأسود من الخيل الذي يضرب إلى الخضرة. والبهم: جمع البهيم الذي لا لون فيه سوى الدهمة.
و(قوله: أناديهم ألا هلم) أي: تعالوا. وفي هلم لغتان: إلحاق علامة التثنية والجمع، وبهذه اللغة جاء لفظ هذا الحديث، وبها جاء القرآن.
و(قوله: فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك) اختلف العلماء في تأويله، فالذي صار إليه الباجي وغيره - وهو الأشبه بمساق الأحاديث -: أن هؤلاء الذين يقال لهم هذا القول ناس نافقوا، وارتدوا من الصحابة وغيرهم، فيحشرون في أمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما قد تقدم من قوله: وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، وعليهم سيماء هذه الأمة من الغرة والتحجيل، فإذا رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عرفهم بالسيماء، ومن كان من أصحابه بأعيانهم فيناديهم: ألا هلم، فإذا انطلقوا نحوه حيل بينهم وبينه، وأُخِذ بهم ذات الشمال. فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رب أمتي ومن أمتي، وفي لفظٍ آخر: أصحابي،