للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية: قاعدا عَلَى لَبِنَتَينِ مُستَقبِلاً بَيت المَقدِس.

رواه البخاري (١٤٨)، ومسلم (٢٦٦)، وأبو داود (١٢)، والترمذي (١١)، والنسائي (١/ ٢٣).

ــ

بعض من منع استقبال القبلة واستدبارها مطلقًا: إلى أن حديث ابن عمر لا يصلح تخصيص حديث أبي أيوب؛ لأنه فعل في خلوة، وهو محتمل للخصوص، وحديث أبي أيوب قولٌ قعدت به القاعدة، فبقاؤه على عمومه أولى. والجواب عن ذلك أن نقول: أما فعله - عليه الصلاة والسلام - فأقل مراتبه أن يحمل على الجواز؛ بدليل مطلق اقتداء الصحابة بفعله، وبدليل قوله تعالى: لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ، وبدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين سألتها المرأة عن قبلة الصائم: ألا أخبرتها أني أفعل ذلك (١)، وقالت عائشة: فعلتُهُ أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاغتسلنا، يعني: التقاء الختانين (٢). وقبل ذلك الصحابة وعملوا عليه.

وأما كون هذا الفعل في خلوة فلا يصلح مانعا من الاقتداء؛ لأن الحدث كله كذلك يفعل، ويمنع أن يفعل في الملأ، ومع ذلك فقد نقل وتحدث به، سيما وأهل بيته كانوا ينقلون ما يفعله في بيته من الأمور المشروعة (٣). وأما دعوى الخصوص فلو سمعها النبي - صلى الله عليه وسلم - لغضب على مُدّعِيها، وأنكر ذلك (٤) كما قد غضب على من ادعى تخصيصه بجواز القُبلَة، فإنه غضب عليه؛ وأنكر ذلك، وقال: والله إني لأخشاكم لله وأعلمكم بحدوده (٥)، وكيف يجوز تَوهُّم هذا؟ وقد تبين أن


(١) رواه مالك في الموطأ (١/ ٢٩١ و ٢٩٢).
(٢) رواه أحمد (٦/ ٢٣٩).
(٣) في (م): الشرعية.
(٤) من (ع).
(٥) رواه مالك في الموطأ (١/ ٢٩٣) بلفظ: "والله! إني لأتقاكم. . .".

<<  <  ج: ص:  >  >>