[٢٠٤] وَعَن أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: اتَّقُوا اللَاّعَّنَينِ، قَالُوا: وَمَا اللَاّعَّنَانِ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أو فِي ظِلِّهِم.
رواه أحمد (٢/ ٣٧٢)، ومسلم (٢٦٩)، وأبو داود (٢٥).
* * *
ــ
ذلك إنما شرع إكرامًا للقبلة، وهو أعلم بحرمتها وأحق بتعظيمها، وكيف يستهين بحرمة ما حرم الله؟ هذا ما لا يصدر توهمه إلا من جاهل بما يقول، أو غافل عما كان يحترمه الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
و(قوله: اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان؟ ) يروى هكذا. وصحيح روايتنا: اللعانين، قالوا: وما اللعانان؟ بالتشديد على المبالغة وكلاهما صحيح، وقد تقدم القول: أن اللعن: الطرد والبعد، وقد فسّرها: بالتخلي في الطرق والظلال. وجاء في الترمذي من حديث معاذ مرفوعًا: اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل بخرأة (١). وسميت هذه ملاعن لأنها تجلب اللعن على فاعلها العادي والشرعي؛ لأنه ضرر عظيم بالمسلمين؛ إذ يعرضهم للتنجيس، ويمنعهم من حقوقهم في الماء والاستظلال وغير ذلك.
ويفهم من هذا: تحريم التخلي في كل موضع كان للمسلمين إليه حاجة، كمجتمعاتهم، وشجرهم المثمر، وإن لم يكن له ظلال وغير ذلك.
(١) لم يروه الترمذي، بل رواه أبو داود (٢٦)، وابن ماجه (٣٢٨) وآخره عندهما: "في الظل"، ورواه الحاكم (١/ ١٦٧) وآخره: "للخرأة".