للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ. ثُمَّ إِنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذِهِ المَسَاجِدَ لا تَصلُحُ لِشَيءٍ مِن هَذَا البَولِ وَلا القَذَرِ،

ــ

بكسر الراء؛ أي: انقطع، وأزرمه غيره إزرامًا. وفي الحديث: لا تزرموا أي: لا تقطعوا عليه بوله (١). ويحتمل أمره بتركه أن يكون لئلا تنتشر النجاسة وتكثر، ولئلا يضره قطعُه، وليرفق به.

وقد فرقت الشافعية بين ورود الماء على النجاسة وورود النجاسة على الماء تمسكًا بهذا الحديث، وبقوله - عليه الصلاة والسلام -: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث (٢).

فقالوا: إذا كان الماء دون القلتين فحلت به نجاسة تنجس، وإن لم تغيره، وإن ورد ذلك القدر فأقل على النجاسة فأذهب عينها بقي الماء على طهارته، وأزال النجاسة، وهذه مناقضة؛ إذ المخالطة قد حصلت في الصورتين، وتفريقهم بورود الماء على النجاسة وورودها عليه فرق صوري ليس فيه من الفقه شيء، وليس الباب من باب التعبُدات، بل هو من باب عقلية المعاني، فإنه من باب إزالة النجاسة وأحكامها، ثم هذا كله منهم يرده قوله - عليه الصلاة والسلام -: الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غير لونه أو رائحته أو طعمه (٣).

و(قوله: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر) حجة لمالك في منع إدخال الميت المسجد وتنزيهها عن الأقذار جملة، فلا يقص فيها شعر، ولا ظفر، ولا يتسوك فيها؛ لأنه من باب إزالة القذر، ولا يتوضأ فيها، ولا يؤكل فيها طعامٌ منتن الرائحة، إلى غير ذلك مما في هذا المعنى.


(١) ما بين حاصرتين ساقط من (م).
(٢) رواه أحمد (٢/ ١٢)، وأبو داود (٦٣ - ٦٥)، والترمذي (٦٧)، والنسائن (١/ ١٧٥) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣) رواه أحمد (٣/ ١٦ و ٣١ و ٨٦)، وأبو داود (٦٦)، والنسائي (١/ ١٧٤) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>