[٢١٩] وَعَن أَنَس بن مَالِكٍ؛ قَالَ: بَينَمَا نَحنُ فِي المَسجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذ جَاءَ أَعرَابِيٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِي المَسجِدِ. فَقَالَ أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَه مَه. قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا تُزرِمُوهُ، دَعُوهُ
ــ
الظاهر ليسوا من العلماء، ولا من الفقهاء، فلا يعتد بخلافهم، بل هم من جملة العوام، وعلى هذا جل الفقهاء والأصوليين. ومن اعتد بخلافهم، إنما ذلك لأن من مذهبه أنه يعتبر خلاف العوام؛ فلا ينعقد الإجماع مع وجود خلافهم. والحق: أنه لا يعتبر إلا خلاف من له أهلية النظر والاجتهاد، على ما يذكر في الأصول.
و(قول أبي هريرة لما قيل له: كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً) يعني: أن يتناول منه، فيغتسل خارجه، ولا ينغمس فيه، وهذا كما قال مالك، حيث سئل عن نحو هذا، فقال: يحتال. وهذا كله محمول على غير المستبحر (١). وأما إذا كان كثيرا مستبحرًا بحيث لا يتغير فلا بأس به؛ إذ لم يتناوله الخبر.
وللإجماع على أن الماء إذا كان بحيث لا تسري حركة المغتسل أو المتوضئ إلى جميع أطرافه فإنه لا تضره النجاسة إذا لم تغيره، وهو أقصى ما فرق بين القليل والكثير في المياه، والله تعالى أعلم.
و(قوله: مه مه) هي: اسم من أسماء الأفعال، بمعنى كُفّ، وهي ساكنة الهاء، ويقال: به به بالباء بدل الميم، فإن وَصَلتَه نَوّنتَ مَهٍ مَهٍ، ويقال: مَهمَهتُ به؛ أي زجرته.
ولا تزرموه: بتقديم الزاي، أي: لا تقطعوا عليه بوله، يقال: زَرِمَ بوله،