وَتَحتَ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ، استُحِيضَت سَبعَ سِنِينَ. فَاستَفتَت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ هَذِهِ لَيسَت بِالحَيضَةِ، وَلَكِنَّ هَذَا عِرقٌ، فَاغتَسِلِي وَصَلِّي.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: امكُثِي قَدرَ مَا كَانَت تَحبِسُكِ حَيضَتُكِ، ثُمَّ اغتَسِلِي، فَكَانَت تَغتَسِلُ عِندَ كُلِّ صَلاةٍ.
ــ
و(قوله: ولكن هذا عرق فاغتسلي) قد يتمسك به من يوجب الغسل على المستحاضة من حيث أمرها بالغسل، وعلله بكونه دم عرق، وهذا لا حجة فيه؛ لما بيِّنَ في الرواية الأخرى: أن هذا الغسل إنما هو للحيضة، فإنه قال فيها: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي، وهذا اللفظ قد يتمسك به من يقول: إنها تعتبر عادتها، وهذا لا حجة فيه؛ لأنه يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أحالها على تقدير الحيضة التي عرفت أولها بتغير الدم، ثم تمادى بها بحيث لم تعرف إدباره، فردّها إلى اعتبار حالتها في عدد أيامها المتقدمة، قبل أن تصيبها الاستحاضة، وفارق حال أم حبيبة حال فاطمة بنت أبي حبيش، بأن فاطمة كانت تعرف حيضتها بتغير الدم، في إقباله وإدباره، وأم حبيبة كانت تعرف إقباله لا غير، والله تعالى أعلم.
و(قوله: فكانت تغتسل في مركن) المركن: الإجَّانة، وهي القصرية التي تغسل فيها الثياب، كانت تقعد فيها فتصب عليها الماء من غيرها، فيستنقع فيها فتعلو حمرة الدم السائل منها الماء، ثم تخرج منها، فتغسل ما أصاب رجليها من ذلك الماء المتغير بالدم.
و(قوله: فكانت تغتسل لكل صلاة) قال الليث: لم يقل ابن شهاب: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أم حبيبة أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته. وقد رواه