للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو مُوسَى لِعَبدِ اللهِ: أَلَم تَسمَع قَولَ عَمَّارٍ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَاجَةٍ فَأَجنَبتُ، فَلَم أَجِدِ المَاءَ، فَتَمَرَّغتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ. ثُمَّ أَتَيتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكفِيكَ أَن تَقُولَ بِيَدَيكَ هَكَذَا، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيهِ الأَرضَ ضَربَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى اليَمِينِ، وَظَاهِرَ كَفَّيهِ، وَوَجهَهُ؟ فَقَالَ عَبدُ اللهِ: أَوَلَم تَرَ عُمَرَ لَم يَقنَع بِقَولِ عَمَّارٍ؟

وَفِي رِوَايَةٍ: وَضَرَبَ بِيَدَيهِ إلى الأَرضِ، فَنَفَضَ يَدَيهِ، فَمَسَحَ وَجهَهُ وَكَفَّيهِ.

ــ

الواجب، وهو أن يضرب الأرض بيديه، ثم يمسح وجهه، ثم يضرب ضربة أخرى فيمسح كفيه. ولم يُختلف أن الوجه كله لا بد من إيعابه.

واختلفوا: هل الواجب أن يبلغ به إلى المرفقين أم يقتصر على الكوعين (١)؟ إنما يستحب الإيصال إلى المرفقين، فإن اقتصر على الكوعين أجزأه، وهذا مذهب ابن القاسم.

ومسحه الشمال على اليمين مراعاة لحال اليمين حتى تكون هي المبدوء بها. وكونه في هذه الرواية أخر الوجه في الذكر، وكونه في الثانية قدّمَه؛ يدل على عدم ترتيب الواو. ولم ينكر عمر على عمار إنكار قاطع برد الخبر، ولا لأن عمارًا غير (٢) ثقة، بل منزلة عمار وعظم شأنه ومكانته كل ذلك معلومٌ، وإنما كان ذلك من عمر؛ لأنه لما نسبه إليه ولم يذكرهُ توقف عمر، ولذلك قال له: نوليك من ذلك ما توليت أي: ما تحملت عهدته مما ذكرتَهُ، حدَّث به إن شئت. وقول عمار: إن شئت لم أحدث، ليس لضعف الحديث، ولا لأن عمارًا شك فيما رأى وروى، وإنما ذلك للزوم الطاعة، وقد صرَّحَ بهِ.

و(قوله: فنفض يديه فنفخ فيهما) حجّةٌ لمن أجاز نفض اليدين من


(١) "الكوع": طرف الزند الذي يلي الإبهام.
(٢) في (ل): ليس.

<<  <  ج: ص:  >  >>