رواه أحمد (٢/ ٢٣٦ و ٢٧١)، والبخاري (٦١٥)، ومسلم (٤٣٧)، والنسائي (١/ ٢٦٩).
ــ
تشاحُّهم في النداء مع جواز أذان الجماعة في زمان واحد فيمكن أن يكون أراد أن يؤذِّن واحد بعد آخر لئلا يخفى صوتُ أحدهم.
قال الشيخ رحمه الله: ويمكن التشاحُّ في أذان المغرب إذا قلنا بضيق وقتها، فإنه لا يؤذِّن لها إذ ذاك إلا مؤذن واحد. وقد نحا الداودي إلى أن هذا الاستِهام في أذان الجمعة؛ أي: لو علموا ما فيه لتسابقوا إليه ولاقترعوا عليه أيهم يؤذِّنه، وهذا الضمير الذي في عليه اختلف فيه على ماذا يعود؟ فقال أبو عمر بن عبد البر: إنه يعود على الصف الأول، وهو أقرب مذكور. قال: وهذا وجه الكلام. وقيل: إنه يعود على معنى الكلام المتقدم؛ فإنه مذكور ومَقُول، ومثل هذا قوله تعالى:{وَمَن يَفعَل ذَلِكَ يَلقَ أَثَامًا}؛ أي: ومن يفعل المذكور، وقيل - وهذا أولى من الأول؛ لأنه إن رجع إلى الصف بقي النداء ضائعًا لا فائدة له.
وقوله لاستهموا عليه؛ أي لتقارعوا، والتهجير: التبكير للصلوات - قاله الهروي. وقيل: المراد هنا به المحافظة على الجمعة والظهر؛ فإنها التي تفعل في وقت الهاجرة وهي شدة الحرّ نصف النهار. ويقال: هجرّ القوم وأهجروا - صاروا في الهاجرة. وعتمة الليل: ظلمته. وكانت الأعراب تحلب عند شدة الظلمة حَلبَةً وتسميها العَتَمَة، فكأنّ لفظ العتمة صار مشتركًا بين خسيس وهي الحَلبَة وبين نفيس وهي الصلاة، فنهى عن إطلاق لفظ العتمة على الصلاة ليرفع الاشتراك، وحيث أمن الاشتراك جاز الإطلاق.
وقيل: إنما نهى عن ذلك ليُتَأَدَّب في الإطلاق، وليقتدي بما في كتاب الله تعالى من ذلك، وليجتنب إطلاق الأعراب فإنهم عدلوا عَمَّا في كتاب الله