للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِثَلاثٍ: جُعِلَت صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، وَجُعِلَت لَنَا الأَرضُ كُلُّهَا مَسجِدًا، وَجُعِلَت تُربَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَم نَجِدِ المَاءَ. وَذَكَرَ خَصلَةً أُخرَى.

رواه مسلم (٥٢٢).

ــ

وقوله: وأحلت لي الغنائم: هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وإنما كانت الغنائم قبله تجمع ثم تأتي نار من السماء فتأكلها. والرعب: الفزع. والشفاعة: الخاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -: هي الشفاعة لأهل الموقف؛ كما تقدم.

وقوله: وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا؛ هذا العموم وإن كان مؤكدًا، فهو مخصص بنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في معاطن الإبل؛ كما جاء في الصحيح، وبما جاء في كتاب الترمذي من حديث ابن عمر -: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُصلى في سبعة مواطن: في المزبلة، والمجزرة، وقارعة الطريق، والمقبرة، وفي الحمّام، وفي معاطن الإبل، وفوق ظهر بيت الله تعالى (١). وقد كره مالك الصلاة في هذه المواضع، وأباحها فيها غيره، ولم يصح هذا الحديث عنده. واعتضد قائل الإباحة: بأن فضائل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينقص منها شيء؛ ذلك أن من فضائله وخصائصه أن جعل الأرض كلها مسجدًا، فلو خُصِّص منها شيء لكان نقصًا في فضيلته وما خصص به. قاله أبو عمر بن عبد البر. والصحيح ما صار إليه مالك، من كراهة الصلاة في تلك المواضع، لا تمسُّكًا بالحديث، فإنه ضعيف؛ لكن تمسَّكًا بالمعنى. وقد ذُكرت علل الكراهية في كتب أصحابه، فلتنظر هناك.

ويحتج على أبي عمر بالنهي عن الصلاة في معاطن الإبل وفي القبور؛ فإن الحديث في ذلك صحيح. وتمنع الصلاة في المواضع النجسة، فإن قال: ذلك


(١) رواه الترمذي (٣٤٦)، وابن ماجه (٧٤٦) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
"المجزرة": الموضع الذي يُنحر فيه الإبل، ويُذبح فيه البقر والشاء.
"معاطن الإبل": أي: مباركها حول الماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>