[٤١٥]- وَعَن حُذَيفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: فُضِّلنَا عَلَى النَّاسِ
ــ
وَرُمَّانٌ} وقوله:{مَن كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبرِيلَ وَمِيكَالَ} فعيّن بعض ما تناوله اللفظ الأول، مع الموافقة في المعنى على جهة التشريف. وكذلك ذكر التراب في حديث حذيفة، وإنما عيّنه لكونه أمكن وأغلب. فإن قيل: بل عيّنه ليبيّن أنه لا يجوز التيمم بغيره، قلنا: لا نسلِّم ذلك، بل هو أول المسألة، ولئن سلمنا أنه يحتمل ذلك، فيحتمل أيضًا ما ذكرناه، وليس أحد الاحتمالين أولى من الآخر، فليلحق اللفظ بالمجملات، فلا يكون لكم فيه حجة، ويبقى مالك متمسكًا باسم الصعيد، واسم الأرض. وأيضًا فإنا نقول بموجبه؛ فإن تراب كل شيء بحسبه، فيقال: تراب الزرنيخ، وتراب السِّبَاخ.
وقوله: طهورًا؛ هذه البنية من أبنية المبالغة؛ كقتول وضروب، وكذلك قال في الماء. فقد سوَّى بين الأرض والماء في ذلك، ويلزم منه أن التيمم يرفع الحدث، وهو أحد القولين عن مالك، وليس بالمشهور.
وطيبة: طاهرة. وكذلك قوله:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}؛ أي: طاهرًا. وعلى هذا فلا يفهم من قوله: طهورًا عين التطهير لغيرها؛ إذ قد وصفها الله بالطهارة في نفسها، ثم جعلها مُطَهِّرة لغيرها، وهذا كما قال - عليه الصلاة والسلام -. وقد قيل له: أنتوضأ بماء البحر؟ فقال -: هو الطهور ماؤه (١)؛ أي: الذي يطهركم من الحدث.
وقوله: ومسجدًا؛ أي: للصلاة. وهذا مما خص الله به نبيه - عليه الصلاة والسلام -، وكانت الأنبياء قبله إنما أبيح لهم الصلاة في مواضع مخصوصة كالبِيَع والكنائس.
(١) رواه أحمد (٢/ ٢٣٧)، وأبو داود (٨١)، والترمذي (٦٩)، والنسائي (١/ ١٧٦)، وابن ماجه (٣٨٦) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.