رواه أحمد (٣/ ١١٨ و ١٢٣)، والبخاري (١٨٦٨)، ومسلم (٥٢٤)(٩)، وأبو داود (٤٥٣)، والنسائي (٢/ ٤٠)، وابن ماجه (٧٤٢).
* * *
ــ
أشكل عليه إنشاد النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه، فقال: لو كان شعرًا لما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله تعالى قال:{وَمَا عَلَّمنَاهُ الشِّعرَ} وهذا ليس بشيء؛ لأن من أنشد القليل من الشعر، أو قاله، أو تمثل به على الندور، لم يستحق به اسم الشاعر، ولا يقال فيه: إنه تعلم الشعر، ولا ينسب إليه، ولو كان ذلك للزم أن يقال على الناس كلهم: شعراء، ويعلمون الشعر؛ لأنهم لا يَخلَونَ أن يعرفوا كلامًا موزونًا مرتبطًا على أعاريض الشعر.
ثم قوله: كانوا يرتجزون ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم، ليس فيه دليل راجح على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان المنشد، بل الظاهر منهم أنهم هم كانوا المرتجزين، وبحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن الواو للحال، ورسول: مبتدأ، ومعهم: الخبر. والجملة في موضع الحال، هذا الظاهر، ويحتمل أن يكون معطوفًا على المضمر في: يرتجزون، والله تعالى أعلم.
وهذا الحديث وشِبهُهُ يُستدلّ به على جواز إنشاد الشعر، والاستعانة بذلك على الأعمال والتنشيط.
ومن هنا أخذت الصوفية إباحة السماع، غير أنهم اليوم أفرطوا في ذلك، وتعدَّوا فيه الوجه الجائز، وتذرّعوا بذلك إلى استباحة المحرمات من أصناف الملاهي؛ كالشبابات، والطارات، والرقص، وغير ذلك. وهذه أفعال المُجَّان أهل البطالة والفسوق المُدخِلين في الشريعة ما ليس منها، أعاذنا الله من ذلك بمنه.
وقوله: كان يصلي في مرابض الغنم؛ حجة لمالك على طهارة بول ما يؤكل لحمه وروثه، وقد قدّمنا ذلك.