للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: ذَلِكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِم فَلا يَصُدَّنَّهُم - وَقَالَ ابنُ الصَّبَّاحِ: فَلا يَصُدَّنَّكُم، قَالَ: قُلتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قَالَ: كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنبِيَاءِ يَخُطُّ،

ــ

يصيب ما كان عن يساره، ويخيبه ما كان عن يمينه، فسُمِّي التشاؤم تطيرًا بذلك.

وقوله: ذلك شيء يجدونه في صدورهم فلا يَصُدّهم - وفي رواية: فلا يضرهم؛ ومعنى ذلك: أن الإنسان بحكم العادة يجد من نفسه نفرة وكراهة مما يتطير به، فينبغي له: ألا يلتفت إلى تلك النفرة، ولا لتلك الكراهة، ويمضي لوجهه الذي خرج إليه، فإن تلك الطيرة لا تضر، وإذا لم تضر فلا تصدّ الإنسان عن حاجته. وأَشَاَر بِه إلى أن الأمور كلها بيد الله تعالى، فينبغي أن يُعوّلَ عليه، وتُفَوَّضَ جميع الحوائج إليه. ويفهم منه: أن هذا الوجدان لتلك النفرة لا يلام واجدها عليها شرعًا؛ لأنه لا يقدر على الانفكاك عنها، وإنما يلام الإنسان أو يمدح على ما كان داخلا تحت استطاعته.

وقوله: ومنا رجال يَخُطُّون: قال ابن عباس في تفسير هذا الحديث: هو الخط الذى يخطّه الحَازِي، فيعطيه حُلوانًا، فيقول: اقعد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي (١) غلام معه ميل، ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط الأستاذ خطوطًا بعجلة لِئَلَاّ يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو على مهل خطين خطين، فإن بقي خطّان فهي علامة النَّجاحِ، وإن بقي خط فهي علامة الخيبة، والعرب تسميه: الأَسحَم (٢)، وهو مشؤوم عندهم.

وقوله: كان نبي من الأنبياء يخط، حكى مَكِّي (٣) في تفسيره: أنه روي أن


(١) "الحازي": الذي ينظر في الأعضاء وفي خيلان الوجه يتكهّن.
(٢) "الأسحم": في حاشية (ل): هو الأسود.
(٣) هو مكي بن أبي طالب الأندلسي القيرواني: عالم بالتفسير والقراءات والعربية. توفي سنة (٤٣٧ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>