للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَأتِهِم قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ،

ــ

ترافعوا إلى كاهن معروف عندهم (١)، فحكم بينهم بأن يفدوه بمائة من الإبل، على ترتيبٍ ذُكِر في السيرة، وإنما كان الكاهن يتمكن من التكهن بواسطة تَابِعِه من الجن، وذلك أن الجني كان يسترق السمع، فيخطف الكلمة من الملائكة، فيخبر بها وليَّه، فيتحدث بها (٢)، ويزيد معها مائة كذبة، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣). فلما بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أُرسلت الشهب على الجن، فلم يتمكنوا مما كانوا يتمكنون منه قبل ذلك، فانقطعت الكهانة؛ لئلا يجرّ ذلك إلى تغيير الشرع ولبس (٤) الحق بالباطل، لكنها وإن كانت قد انقطعت فقد بقي في الوجود قوم يتشبهون بأولئك الكهان، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اتباعهم؛ لأنهم كَذَبة مُمَخرِقون (٥) مبطلون ضالون مضلون، فيحرم إتيانهم والسماع منهم، وقد كثر هذا النوع في كثير من (٦) نساء الأندلس، وكثير من رجال غير الأندلس، فليحذر الإتيان إليهم والسماع منهم.

وقوله: ومنّا رجال يتطيرون؛ الطيرة: مصدر طار يطير طِيَرَةً وطيرانًا، وأصلها: أن العرب كانوا إذا خرج الواحد منهم في حاجة نظر إلى أول طائر يراه، فإن طار عن يمينه تشاءم به، وامتنع من المُضِيّ في تلك الحاجة، وإن طار عن يساره تيمّن به ومضى في حاجته. وأصل هذا: أن الرامي للطير، إنما


(١) ساقط من (ع).
(٢) ساقط من (ع).
(٣) قال - صلى الله عليه وسلم -: "تلك الكلمةُ من الجِنِّ يَخطَفُها الجِنِّيُّ، فَيَقُرُّها في أُذُنِ وَلِيِّه قَرَّ الدَّجاجة، فَيَخْلِطُون فيها أكثر مِن مئةِ كَذبَةٍ".
رواه البخاري (٥٧٦٢)، ومسلم (٢٢٢٨).
(٤) في (م): تلبيس.
(٥) "ممخرقون": مختلقون للكذب والإفك.
(٦) من (ل).

<<  <  ج: ص:  >  >>