للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: أَعتِقهَا فَإِنَّهَا مُؤمِنَةٌ.

رواه أحمد (٥/ ٤٤٧ - ٤٤٨)، ومسلم (٥٣٧)، وأبو داود (٩٣٠ و ٩٣١)، والنسائي (٣/ ١٤ - ١٨).

ــ

كما قال: {وَلأُصَلِّبَنَّكُم فِي جُذُوعِ النَّخلِ}؛ أي: على جذوع النخل، ويكون العلوّ بمعنى الغلبة، وأما من يعتقد نفي الجهة في حق الله تعالى، فهو أحق بإزالة ذلك الظاهر، وإجلال الله تعالى عنه، وأَولى الفرق بالتأويل. وقد حصل من هذا الأصل المحقق أن قول الجارية: في السماء ليس على ظاهره باتفاق المسلمين، فيتعيّن أن يعتقد فيه أنه مُعَرَّض لتأويل المتأوِّلين، وأن مَن حمله على ظاهره فهو ضال من الضالين (١).

وقوله: أعتقها فإنها مؤمنة؛ فيه دليل على أن عتق المؤمن أفضل، ولا خلاف في جواز عتق الكافر في التطوع، وأنه لا يجزئ في كفارة القتل؛ لنص الله تعالى على المؤمنة. واختلف في كفارة اليمين والظهار وتعمد الوطء في رمضان، فمالك والشافعي وعامتهم: لا يجيزون في ذلك كله إلا مؤمنة؛ حملا لمطلق هذه الكفارات على مقيد كفارة القتل. وذهب الكوفيون إلى أن ذلك ليس شرطًا في هذه الكفارات، ومنعوا حمل المطلق على المقيد، وتحقيق ذلك في الأصول.

وفي هذا الحديث أبواب من الفقه لا تخفى على متأمل فَطِن؛ ومن أهمها: أنه لا يشترط في الدخول في الإيمان التلفظ بألفاظ مخصوصة؛ كالشهادتين، بل يكفي كل لفظ يدل على صحة الدخول في الدين، وأنه يُكتفى بالاعتقاد الصحيح،


(١) مذهب السلف: إثباتُ علو الله تعالى يليق بجلاله، وهذا العلو ثابت بالسمع، وبالعقل والفطرة: مع التمسّك بقوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: ١١]. فالفرق بين علو الله تعالى وعلو المخلوق كالفرق بين ذات الله وذات المخلوق، فلما تباينت الذاتان من كل وجه تباينت الصفتان من كل وجه أيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>