للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والزمان، لخيف عليها أن تعتقد النفي المَحض والتعطيل؛ إذ ليس كل عقل يقبل هذا، ويعقله على وجهه، بل إنما يعقله العالمون الذين شرح الله صدورهم لهدايته، ونوّر قلوبهم بنور معرفته، وأمدّهم بتوفيقه ومعونته، وأكثر الخلق تغلب عليهم الأوهام (١)، وتَكِلّ منهم الأفهام.

وقيل في تأويل هذا الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سألها بأين عن الرتبة المعنوية التي هي راجعة إلى جلاله تعالى وعظمته التي بها بَايَنَ كلّ من نُسبت إليه الإلهية، وهذا كما يقال: أين الثُّريّا من الثَّرَى؟ ! والبصرُ من العَمَى؟ ! أي: بَعُدَ ما بينهما، واختصت الثريا والبصر بالشرف والرفعة. وعلى هذا يكون قولها: في السماء؛ أي: في غاية العلوّ والرفعة، وهذا كما يقال: فلان (٢) في السماء ومناط الثريا، كما قال:

وإن بني عوف كما قد علمتم ... مناط الثريا قد تعالت نجومُها

أقول هذا، والله ورسوله أعلم، والتسليم أسلم.

تنبيه: ثم اعلم أنه لا خلاف بين المسلمين قاطبة، محدثهم، وفقيههم، ومتكلمهم، ومقلِّدهم، ونُظَّارهم: أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء (٣)؛ كقوله: {أَأَمِنتُم مَن فِي السَّمَاءِ} ليست على ظاهرها، وأنها متأوَّلة عند جميعهم. أما من قال منهم بالجهة، فتلك الجهة عنده هي جهة الفوق التي عبر عنها بالعرش وهي فوق السماوات، كما جاء في الأحاديث فلا بدّ أن يُتَأَوَّل كونه في السماء، وقد تأَوّلوا تأويلات، وأشبه ما فيه: أن في بمعنى: على،


(١) ساقط من (م).
(٢) ساقط من (م).
(٣) ساقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>