وقوله - صلى الله عليه وسلم -: أعوذ بالله منك؛ أي: أَستَتِرُ وألتجئ في كفايته إياي منك. ومنه سُمِّي العود الذي يَلجَأ إليه الغُثَاء في السيل: عَوذا؛ لأن الغثاء يلجأ إليه.
وقوله: ألعنك بلعنة الله التامة، أصل اللعن: الطرد والبعد، ومعناه: أسأل الله أن يلعنه بلعنته.
والتامَّة يحتمل وجهين:
أحدهما: أنها الكاملة التي لا ينقصُ منها شيء.
والثاني: المستحقّة الواجبة، كما قال:{وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلا}؛ أي: حَقَّت ووجبت، ولم يقصد مخاطبة الشيطان؛ لأنه كان يكون متكلمًا في الصلاة، وإنما كان متعوذًا بالله؛ كما قال: أعوذ بالله منك.
قوله: ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان المدينة (١). يدل على أن مُلكَ الجن والتصرُّفَ فيهم بالقهر مما خصّ به سليمان، وسبب خصوصيته: دعوته التي استجيبت له، حيث قال: {وَهَب لِي مُلكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ
(١) كذا في الأصول، وفي صحيح مسلم (١/ ٣٨٥): ولدان أهل المدينة.