للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنكَ، ثُمَّ قَالَ: أَلعَنُكَ بِلَعنَة اللَّهِ. ثَلاثًا، وَبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيئًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ قُلنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَد سَمِعنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلاةِ شَيئًا لَم نَسمَعكَ تَقُولُهُ قَبلَ ذَلِكَ، وَرَأَينَاكَ بَسَطتَ يَدَكَ. قَالَ: إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِن نَارٍ لِيَجعَلَهُ فِي وَجهِي، فَقُلتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنكَ - ثَلاثَ مَرَّاتٍ -، ثُمَّ قُلتُ: أَلعَنُكَ بِلَعنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ، فَلَم يَستَأخِر ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَرَدتُ أخُذَهُ، وَاللَّهِ لَولا دَعوَةُ أَخِينَا سُلَيمَانَ لأَصبَحَ مُوثَقًا يَلعَبُ بِهِ وِلدَانُ المَدِينَةِ.

رواه مسلم (٥٤٢)، والنسائي (٢/ ١٣).

ــ

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: أعوذ بالله منك؛ أي: أَستَتِرُ وألتجئ في كفايته إياي منك. ومنه سُمِّي العود الذي يَلجَأ إليه الغُثَاء في السيل: عَوذا؛ لأن الغثاء يلجأ إليه.

وقوله: ألعنك بلعنة الله التامة، أصل اللعن: الطرد والبعد، ومعناه: أسأل الله أن يلعنه بلعنته.

والتامَّة يحتمل وجهين:

أحدهما: أنها الكاملة التي لا ينقصُ منها شيء.

والثاني: المستحقّة الواجبة، كما قال: {وَتَمَّت كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدقًا وَعَدلا}؛ أي: حَقَّت ووجبت، ولم يقصد مخاطبة الشيطان؛ لأنه كان يكون متكلمًا في الصلاة، وإنما كان متعوذًا بالله؛ كما قال: أعوذ بالله منك.

قوله: ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقًا يلعب به ولدان المدينة (١). يدل على أن مُلكَ الجن والتصرُّفَ فيهم بالقهر مما خصّ به سليمان، وسبب خصوصيته: دعوته التي استجيبت له، حيث قال: {وَهَب لِي مُلكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ


(١) كذا في الأصول، وفي صحيح مسلم (١/ ٣٨٥): ولدان أهل المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>