للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المَسجِدِ فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ، ثُمَّ نَهَى أَن يَبزُقَ الرَّجُلُ عَن يَمِينِهِ أَو أَمَامَهُ، وَلَكِن يَبزُق عَن يَسَارِهِ أَو تَحتَ قَدَمِهِ اليُسرَى.

رواه أحمد (٣/ ٥٨ و ٩٣)، والبخاري (٤٠٩)، ومسلم (٥٤٨)، وأبو داود (٤٨٠)، والنسائي (٢/ ٥١ - ٥٢).

ــ

أو رحمة ربه؛ كما قال في الحديث الآخر: فلا يبصق قبل القبلة، فإن الرحمة تواجهه.

وقوله: فحكّها بحصاة. زاد أبو داود فيه: ثم أقبل على الناس مغضبًا، وهذا يدل على تحريم البصاق في جدار القبلة، وعلى أنه لا يتكفر بدفنه، ولا بحكّه، كما قال في حلة المسجد: البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها، فلو يكفر البزاق في القبلة بالحك لما غضب؛ إذ قد كان تكفي الكفارة في ذلك - وهي الحك -، كما اكتفى بها في حديث الأعرابي الذي وطئ في نهار رمضان، ولم يذمه ولا غضب عليه. وقد ظهرت خصوصية جهة القبلة حيث نزلها منزلة الرب تعالى، كما تقرر، وظهر أيضًا التخفيف في ساحة المسجد؛ كما قد ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه خيمة لسعد بن معاذ بعدما رمي في أكحله، فكان الدم يسيل من خيمته إلى جهة الغفاريين، هذا مع ما قيل: إن هذا كان لضرورة داعية إلى ذلك.

وقد ذكر مسلم في حديث جابر الطويل (١): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل مكان النُّخَامَة عنبرًا. وروى النسائي الحديث الأول من طريق أنس (٢)، فقال: غضب حتى احمرّ وجهه، فقامت امرأة من الأنصار فحكّتها، وجعلت مكانها خلوقًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أحسن هذا! . ويصحّ الجمع بين هذه الأحاديث بأن يقال: كان ذلك في أوقات مختلفة: ففي وقت حكّها - صلى الله عليه وسلم - وطيّبها بيده، ومرة أخرى فعلت هذه المرأة ما ذُكر. ويمكن أن يقال: نسب الحكّ والطيب للنبي - صلى الله عليه وسلم - من حيثُ الأمرُ به، والمرأة من حيث المباشرة.


(١) رواه مسلم في الزهد (٣٠٠٨).
(٢) رواه النسائي (٢/ ٥٢ - ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>