للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: صَلَّيتَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَثَنَى رِجلَهِ وَاستَقبَلَ القِبلَةَ، فَسَجَدَ سَجدَتَينِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقبَلَ عَلَينَا بِوَجهِهِ فَقَالَ: إِنَّهُ لَو حَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيءٌ أَنبَأتُكُم بِهِ، وَلَكِن إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَنسَى كَمَا تَنسَونَ،

ــ

جواز النسخ على ما ثبت من العبادة، ويدل هذا: على أنهم كانوا يتوقعونه.

وقوله: وما ذاك؟ سؤال من لم يشعر بما وقع منه، ولا يقين عنده، ولا غلبة ظن.

وقولهم: صليت كذا أو كذا: إخبار من حقق ما وقع. وقبول النبي - صلى الله عليه وسلم - قول المخبِر عما وقع له دليل على قبول الإمام قول من خلفه في إصلاح الصلاة، إذا كان الإمام على شك، بلا خلاف. وهل يشترط في المخبر عدد؛ لأنه من باب الشهادة، أو لا يشترط ذلك، لأنه من باب قبول الخبر؟ قولان:

الأول: لأشهب وابن حبيب، وأما إن كان الإمام جازمًا في اعتقاده بحيث يصمم عليه، فلا يرجع إليهم، إلا أن يفيد خبرهم العلم فيرجع إليهم، وإن لم يفد خبرهم العلم؛ فذكر ابن القصّار في ذلك عن مالك قولين: الرجوع إلى قولهم، وعدمه. وبالأول قال ابن حبيب، ونصه: إذا صلى الإمام برجلين فصاعدًا فإنه يعمل على يقين من وراءه، ويدع يقين نفسه، قال المشايخ: يريد الاعتقاد.

وبالثاني قال ابن مسلمة، ونصّ ما حكي عنه: يرجع إلى قولهم إن كثروا، ولا يرجع إذا قلّوا، وينصرف، ويُتِمّون لأنفسهم.

وقوله: لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به: يفهم منه أن الأصل في الأحكام بقاؤها على ما قُرِّرَت وإن جوز غير ذلك، وأن تأخير البيان لا يجوز عن وقت الحاجة.

وقوله: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون: دليل على جواز النسيان على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما طريقه البلاغ من الأفعال وأحكام الشرع. قال القاضي عياض: وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>