للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَنَظَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمِينًا وَشِمَالا فَقَالَ: مَا يَقُولُ ذُو اليَدَينِ؟ فقالُوا: صَدَقَ، لم تُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ

ــ

الخرباق في حديث عمران بن حصين غير ذي اليدين في حديث أبي هريرة، والله أعلم.

وقوله: ما يقول ذو اليدين؟ يحتج به من يقول: لا بد من اشتراط العدد في المخبِر عن السهو، ولا حجة فيه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - إنما استكشف لِمَا وقع له من التوقف في خبره؛ حيث انفرد بالخبر عن ذلك، مع أن الجمع كثير، ودواعيهم متوفرة، وحاجتهم داعية إلى الاستكشاف عما وقع، فوقعت الريبة في خبر المخبِر لهذا، وجُوِّزَ عليه أن يكون الغلط والسهو منه، لا أنها شهادة، والله أعلم.

وهذا كما وقع في قبول أخبار الآحاد في غير موضع.

وقوله: فقالوا: صدق؛ حصل من مجموع هذا الحديث أن الكلّ تكلموا في الصلاة بما يصلحها، ثم من بعد كلامهم كمّل الصلاة، وسجد، ولَغَا كلامهم، ولم يضرّ، فصار هذا حجة لمالك على أن من تكلم في الصلاة لإصلاحها لم تبطل صلاته، وخالفه بعض أصحابه وأكثر الناس. قال الحارث بن مسكين: أصحاب مالك كلهم على خلاف ما قال ابن القاسم عن مالك، وقالوا: كان هذا أول الإسلام، وأما الآن فمن تكلم فيها أعادها، ومنع ما أجازه مالك من الكلام: أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وأهل الظاهر، وجعلوه مفسدًا للصلاة، إلا أن أحمد أباح ذلك للإمام وحده، واستثنى سحنون - من أصحاب مالك - أن من سَلّم من اثنتين من الرباعية، فوقع الكلام هناك لم تبطل الصلاة، وإن وقع في غير ذلك بطلت الصلاة. والصحيح ما ذهب إليه مالك تمسكًا بالحديث، وحملا له على الأصل الكلي؛ من تعدّي الأحكام، وعموم الشريعة، ودفعًا لما يُتوهم من الخصوصية؛ إذ لا دليل عليها، ولو كان شيء مما ادعي؛ لكان فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولا يجوز إجماعًا، ولكان بيّنه؛ كما فعل في حديث أبي بردة بن

<<  <  ج: ص:  >  >>