للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تسليمة واحدة. وقد اختلف العلماء في ذلك في حق الإمام والمأموم والمنفرد. فذهب الجمهور إلى أن الفرض في حقهم تسليمة واحدة، وذهب أحمد بن حنبل وبعض أهل الظاهر إلى أن فرضهم اثنتان. قال الداودي: وأجمع العلماء على أن من سلّم واحدة فقد تَمّت صلاته. وعلى هذا فالذي ذُكر عن أحمد وأهل الظاهر محمول على أن التسليمة الثانية فرض ليست بشرط، فَيَعصي من تركها، ويقع التحلل بدونها. فإذا تنزَّلنا على قول من قال: إن الفرض واحدة، فهل يختار زيادة عليها لجميعهم، أو فيه تفصيل؟ اختلف فيه، فذهب الشافعي ومالك في غير المشهور عنه: أنه يستحب للجمع تسليمتان، وذهب مالك في المشهور عنه: إلى أن الإمام والمنفرد يقتصران على تسليمة واحدة، ولا يزيدان عليها. وأما المأموم فيسلم ثانية، يردّ بها على الإمام، فإن كان عن يساره من سلّم عليه، فهل ينوي بالثانية الرد على الإمام وعليه، أو يسلم ثلاثًا ينوي بهما الردّ على من سلم عليه ممن على يساره؟ قولان. ثم إذا قلنا بالثالثة فهل يبدأ بعد الأولى بالإمام، أو ممن على يساره، أو هو مخير؟ ثلاثة أقوال. وسبب الخلاف: اختلاف الأحاديث؛ وذلك أن في حديث ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يسلّم تسليمتين (١). قال النسائي في حديث ابن مسعود: حتى نرى بياض خده الأيمن، وبياض خده الأيسر. وفي حديث عائشة (٢) وسمرة بن جندب (٣): كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه، يميل إلى الشق الأيمن شيئًا. وأحاديث التسليمتين أصح، وأحاديث التسليمة الواحدة عمل عليها أبو بكر وعمر. ولم ير مالك في السلام من الصلاة زيادة: ورحمة الله وبركاته تمسكًا بلفظ التسليم، ورأى ذلك الشافعي تمسكًا بحديث وائل بن حجر؛ قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان يسلم عن


(١) رواه أبو داود (٢٣٣٨) من حديث حسين بن الحارث الجدلي.
(٢) رواه الترمذي (٢٩٦)، وابن ماجه (٩١٩).
(٣) رواه أبو داود (٩٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>