للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَوَقتُ صَلاةِ المَغرِبِ مَا لَم يَغِبِ الشَّفَقُ،

ــ

وكما قال تعالى: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفرٌ} وفي قوله: بقرة صفراء؛ أي: سوداء. ويكون قرنها: جرمها، والله تعالى أعلم.

وقوله: ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق: هذا يؤذن بأن وقت المغرب موسع كسائر أوقات الصلوات، وهو موافق لحديث أبي موسى: حيث صلى المغرب في اليوم الأول عند وقوع الشمس، وفي الثاني حين غاب الشفق، وهو قول مالك في الموطأ، وأحد قولي الشافعي، وقول الثوري، وأصحاب الرأي على اختلافهم في الشفق ما هو - على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

وقد عارض هذا الحديث في المغرب حديث جبريل؛ فإن فيه: إنه صلاها في اليومين في وقت واحد حين غابت الشمس، وصار أيضًا إليه جمهور من العلماء، وهو مشهور قول مالك والشافعي والأوزاعي وغيرهم، وقالوا: هو محدود الأول بمغيب قرص الشمس، وغير محدود الآخر، بل مقدرًا آخره بالفراغ منها في حق كل مكلف. ولما تعارض الحديثان اختلف العلماء في الأرجح (١) منهما، فرجح كل منهم بحسب ما ظهر له. قلت: ويمكن الجمع والبناء بينهما بأن يقال: إن إيقاع المغرب في حديث جبريل في وقت واحد، لعلّه: إنما كان ليبين: أن إيقاعها في ذلك الوقت أفضل، ولذلك اتفقت الأمة على ذلك. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: لا تزال أمتي بخير - أو قال: على الفطرة - ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم (٢). وليس فيه ما يدل على منع تأخيرها عن ذلك الوقت. وتكون أحاديث التوسعة تبيِّن وقت الجواز، فيرتفع التعارض، ويصح الجمع، وهو أولى من الترجيح باتفاق


(١) في (ظ): الأصح.
(٢) رواه أحمد (٤/ ١٤٧)، وأبو داود (٤١٨) من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>