للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَوَقتُ صَلاةِ العِشَاءِ إِلَى نِصفِ اللَّيلِ الأَوسَطِ

ــ

الأصوليين؛ لأن فيه إعمال كل واحد من الدليلين، والترجيح: إسقاط أحدهما، والله أعلم.

وقد اختلف العلماء في الشفق، فذهب الجمهور إلى أنه الحمرة التي تكون في المغرب. وذهب أبو حنيفة والمزني: إلى أنه البياض الذي يكون بعد الحمرة. وسبب الخلاف: انطلاق اسم الشفق عليهما بالاشتراك، وهما متصلان؛ أي: أحدهما بعد الآخر. فمن أخذ بأول الاسم قال: هو الحمرة، ومن أخذ بآخره قال: هو البياض. ومذهب الجمهور أولى؛ بوجهين:

أحدهما: أن أهل الاعتبار بذلك قد رصدوا ذلك وراقبوه، فتحقق لهم أن البياض لا يغيب إلا عند طلوع الفجر، قال ذلك الخليل بن أحمد وابن أبي أويس وغيرهما.

والثاني: أنه قد روى أبو داود من طريق صحيح عن النعمان بن بشير أنه قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة: صلاة العشاء الآخرة؛ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصليها لسقوط القمر لثالثة (١). وهذا بين على أنه كان يصليها قبل مغيب البياض، بل على أنه كان يصليها عند تمكن البياض؛ لأنه إذ ذاك يسقط القمر في الثالثة من الشهر، وهذا يرفع الخلاف.

وقوله: ووقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط: أكثر رواة هذا الحديث لم يذكروا فيه الأوسط، وإنما يقولون: إلى نصف الليل، فقط، وتلك الزيادة هي من حديث همام عن قتادة. وكل من روى هذا الحديث عن قتادة لم يذكرها غيره. وكأن هذه الرواية وهم؛ لأن الأوسط في المقدَّرات والمعدودات إنما يقال فيما


(١) رواه أبو داود (٤١٩)، والترمذي (١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>