- وَلَم يذكُر الأوسط إلا في هذه الرواية -، وَوَقتُ صَلاةِ الصُّبحِ مِن طُلُوعِ الفَجرِ مَا لَم تَطلُعِ الشَّمسُ،
ــ
يتوسط بين اثنين فأكثر. اللهم إلا أن يُريد بالأوسط: الأعدل، فحينئذ يصح أن يقال: هو أوسط الشيئين؛ أي: أعدلهما. وهذا الشيء أوسط من هذا؛ أي: أعدل منه. ويمكن أن تحمل رواية تلك الزيادة على الصحة، ويكون معناه: أن النصف الأول أعدل بالنسبة إلى إيقاع الصلاة فيه من النصف الآخر؛ لتأدية الصلاة في الأول وكثرة الثواب فيه.
ثم اختلف العلماء في آخر وقت العشاء الآخرة، فذهبت طائفة من العلماء: إلى أن ذلك آخر النصف الأول، وإليه ذهب ابن حبيب من أصحابنا متمسكًا بهذا الحديث. ويقول عمر رضي الله عنه: فإن أخّرت فإلى شطر الليل. ومشهور مذهب مالك: أنه أخر إلى الثلث الأول، متمسكًا بحديث أبي موسى؛ إذ فيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - أخّر العشاء الآخرة حتى كان ثلث الليل (١)، وهو قول جمهور العلماء. وروى النخعي أنه الربع الأول. ولا متمسك له واضح في الأحاديث. وسبب الخلاف: الترجيح بين هذه الأحاديث.
وقوله: ووقت الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، الفجر: هو انصداع البياض من المشرق، وسُمِّي بذلك: لانفجاره؛ أي: لظهوره وخروجه؛ كما ينفجر النهر. وهو اثنان: الكاذب، وهو المسمى: بذنب السرحان، وهو الصاعد المستطيل. والصادق: وهو الممتد المنتشر في الأفق. قال الشاعر:
فإذا رأى الصبح المُصَدَّق يَخفِقُ
وهذا هو الذي يُحرّم الأكل على الصائم، وتجزئه الصلاة فيه دون الأول بلا خلاف. واختلف في آخر وقت الصبح، فذهب الجمهور وأئمة الفتيا: إلى أن آخر