للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمسُ فَأَمسِك عَنِ الصَّلاةِ،

ــ

وقتها طلوع أول جرم الشمس، وهو مشهور مذهب مالك. وعلى هذا لا يكون لها عنده وقت ضرورة، ولا يُؤثّم تارك الصلاة إلى ذلك الوقت متعمدًا. وروى عنه ابن القاسم وابن عبد الحكم: أن آخر وقتها الإسفار الأعلى، وعلى هذا فما بعد الإسفار وقت لأصحاب الأعذار، ويأثم من أخّر الصلاة إلى ذلك الوقت. وسبب هذا الخلاف: اختلاف الأحاديث الواردة في هذا المعنى. وذلك أن ظاهر هذا الحديث، ونص الرواية الأخرى التي قال فيها: فإذا صليتم الفجر فإنه وقت إلى أن يطلع قرن الشمس الأول، وفي حديث أبي موسى: أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بالسائل الفجر في اليوم الثاني حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت. وظاهر هذا: أن آخر وقتها يخرج قبل طلوع الشمس بيسير، وهو الذي يُقدّر بإدراك ركعة؛ كما قال: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح (١).

تنبيه: قال مالك والشافعي: التغليس بالصبح أفضل. وقال أبو حنيفة: الأفضل الجمع بين التغليس والإسفار، فإن فاته ذلك فالإسفار أولى من التغليس (٢)، وهذا مخالف لما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله من المداومة على التغليس، حتى قد قال ابن عباس لما وصف صلاة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -: ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس، لم يَعُد إلى أن يسفر بها.

وقوله: فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة: هذا حجة لأبي حنيفة وأصحاب (٣) الرأي: على منع إيقاع شيء من الصلوات فرضها ونفلها عند الطلوع، وقد غلوا في هذا حتى قالوا: إنه لو طلعت عليه الشمس وقد صلى ركعة من الصبح


(١) سبق تخريجه برقم (٤٩٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) ساقط من (ع).
(٣) في (ظ): وأهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>