للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَذَكَرَ: أَنَّ النَّارَ اشتَكَت إِلَى رَبِّهَا، فَأَذِنَ لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنَفَسَينِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيفِ.

ــ

قوله: عن الصلاة: بمعنى الباء، كما قد روي في بعض طرقه: أبردوا بالصلاة. وعن تأتي بمعنى الباء، كما يقال: رميت عن القوس؛ أي: به. كما تأتي الباء بمعنى: عن، كما قال الشاعر (١):

فإن تسألوني بالنساء فإنني ... بصير بأدواء النساء طبيب

أي: عن النساء. وكما قيل في قوله تعالى: {فَاسأَل بِهِ خَبِيرًا} أي: عنه، وقيل: إن عن هنا زائدة؛ أي: أبردوا الصلاة، يقال: أبرد الرجل كذا: إذا فعله في برد النهار. وفيح جهنم: شدة حرها، وشدة غليانها. يقال: فاحت القدر، تفيح: إذا هاجت، وغلت. والنفس: التنفس. [فإذا تنفست في الصيف قوَّى لهيبُها حرَّ الشمس، فزاد حرها وتضاعف] (٢)، وإذا تنفست في البرد دفع حرها شدة البرد إلى الأرض، وهو الزمهرير الذي ذكره. واختُلف في معنى هذا الحديث؛ فمن العلماء من حمله على ظاهره، وقال: هو لسان مقال محقق، وشكوى محققة، وتنفس محقق؛ إذ هو إخبار من الصادق بأمر جائز، فلا يُحتاج إلى تأويله. وقيل: إن هذا الحديث خرج مخرج التشبيه والتقريب؛ أي: كأنه نار جهنم في الحر، وقد تكون هذه الشكوى وهذه المقالة لسان حال، كما قال:

شكا إليَّ جملي طول السُّرى ... صبر جميل (٣) فكلانا مُبتَلى

والأول أولى؛ لأنه حمل اللفظ على حقيقته، ولا إحالة في شيء من ذلك.


(١) هو علقمة.
(٢) ساقط من (ع).
(٣) في اللسان: صبرًا جُمَيْلِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>