للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سنة أربع وتسعين ومائة، وتوفِّي ليلةَ السبتِ عند صلاة العشاء من ليلة الفطر من شوال، سنة ست وخمسين ومائتين، وعمره: اثنتان وسِتُّون سنة إلا ثلاثة عشر يومًا.

شَهِدَ له أئمَّةُ عصره بالإمامة في حفظ الحديث ونقله، وشهدَت له تراجمُ كتابه بفهمه وفقهه.

قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خُزَيمة: ما تحت أديمِ السماء أعلَمُ بالحديث من البخاري.

وقال له مسلم بن الحَجَّاج، وقد سأله عن عِلل الأحاديث، فأجابه، فقال له: لا يَبغُضُكَ إلا حاسد، وأشهَدُ أن ليس في الدنيا مثلك.

وقال أبو بكرٍ الجَوزَقي: سمعتُ أبا حامدِ بنَ الشَّرقي أو غيره يقولُ: رأيتُ مسلم بن الحَجَّاج بين يَدَيِ البخاريِّ كالصبيِّ بين يدي معلِّمه.

وقال حامد بن أحمد: ذُكِرَ لعليِّ بنِ المَدِيِنيِّ قولُ محمد بن إسماعيل البخاري: ما تصاغَرتُ نفسي عند أحدٍ إلا عند عليِّ ابن المديني، فقال: ذروا قوله هو، ما رأى مِثلَ نفسه.

وذكر أبو أحمدَ بنُ عَدِيٍّ: أَنَّ البخاري لمَّا قدم بغداد امتحنه المحدِّثون بأن قلبوا أسانيد مائةِ حديثٍ، فخالفوا بينها وبين متونها، ثم دفعوها لِعَشَرةِ أنفس، لكلِّ واحدٍ عشرةُ أحاديث، فلمَّا استَقَرَّ به المجلس، قام إليه واحد من العشرة، فذَكَر له حديثًا مِن عَشَرَتِهِ المقلوبة، فسأله عنه، فقال له البخاري: لا أعرف هذا. ثم سأله عن بقيَّةِ العَشَرة واحدًا واحدًا، وهو في كلِّ ذلك يقول: لا أعرف. ثم قام بعده ثانٍ ففعل له مثلَ ذلك، ثم قام ثالثٌ كذلك، حتى كمَّل العشرةُ المائة الحديثِ. فلمَّا فرغوا، دعا بالأوَّل، فَرَدَّ ما ذَكَرَ له من الأحاديث إلى أسانيدها، ثم فَعَلَ ببقيَّةِ العشرة كذلك، إلى أن رَدَّ كلَّ متن إلى سنده، وكُلَّ سند إلى متنه، فبُهِتَ الحاضرون، وأُعجِبَ بذلك السامعون، وسلَّموا لحفظه، واعترفوا بفضله.

وقال الدارقطني: لولا البخاريُّ ما ذَهَبَ مسلمٌ ولا جاء.

وقال أحمد بن محمد الكراسي: رحم الله الإمامَ أبا عبد الله البخاريَّ، فإنَّه الذي ألَّف الأصول، وبيَّن للناس، وكلُّ مَن عمل بعده فإنما أخَذَه مِن كتابه؛ كمسلم بن الحجاج، فرَّقَ كتابه في

<<  <  ج: ص:  >  >>