للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَأخُذ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيطَانُ! قَالَ: فَفَعَلنَا، ثُمَّ دَعَا بِالمَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ سَجَدَ سَجدَتَينِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى الغَدَاةَ.

رواه مسلم (٦٨٠)، وأبو داود (٤٣٥ و ٤٣٦)، والترمذي (٣١٦٢)، والنسائي (١/ ٢٩٥ - ٢٩٨)، وابن ماجه (٦٩٧).

ــ

واستدلاله - صلى الله عليه وسلم - بقوله تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي} دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وهو قول أكثر أصحابنا. واختلف أهل التفسير في قوله تعالى {لِذِكرِي}؛ فقال مجاهد: لتذكرني فيها. وقال النخعي: اللام للظرف؛ أي: إذا ذكرتني، أي ذكرت أمري بعدما نسيت، ومنه الحديث. وقيل: لا تذكر فيها غيري. وقيل: شكرًا لذكري. وقيل ما ذكرناه من أن اللام للتسبيب، وهو أوضحها. ويقرب منه قول النخعي. وقراءة ابن شهاب تأنيث للذِّكر.

وقوله ثم سجد سجدتين، ثم صلى الغداة، وفي حديث أبي قتادة فصلى ركعتين، وبهذه الزيادة قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود، وهو قول أشهب وعلي بن زياد من أصحابنا. ومشهور مذهب مالك أنه يصليها قبل الصبح الفائتة، وهو قول الثوري والليث تمسُّكًا بحديث ابن شهاب، وليس فيه من ذلك شيء، ولأن فعلها قبل الفائتة يزيد الفائتة فواتًا. وقال أصحابنا: إن النوافل لا تقضى؛ إذ ليس في الذمة شيء فيجب قضاؤه، فإن أراد أن يقضي فليصلّ نفلا مبتدأ، والله أعلم.

وقوله وليأخذ كل رجل برأس راحلته؛ فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، ذهب بعض العلماء إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث، فقال: إن من انتبه من نومٍ عن صلاةٍ فائتة في سفر زال عن موضعه، وإن كان واديًا خرج عنه. واعتضد بقوله صلى الله عليه وسلم تحوّلوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة، وهذه الزيادة ذكرها

<<  <  ج: ص:  >  >>