للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وثانيها: التمسك بقوله إذا ذكرها، والعامد ذاكر لتركها فلزمه قضاؤها.

وثالثها: التمسك بعموم قوله من نسي صلاة؛ أي: من حصل منه نسيان، والنسيان هو الترك سواء كان مع ذهول أو لم يكن، وقد دل على هذا قوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم}؛ أي: تركوا معرفة الله وأمره فتركهم في العذاب.

ورابعها: التمسك بقوله من نسي صلاة فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، والكفارة إنما تكون عن الذنوب غالبًا، والنائم والناسي بمعنى الذاهل ليس بآثم، فتعين العامد لأن يكون هو المراد بلفظ الناسي.

وخامسها: قوله {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي}؛ أي: لتذكرني فيها - على أحد التأويلات.

وسادسها: أن القضاء يجب بالخطاب الأول؛ لأن خروج وقت العبادة لا يسقط وجوبها، لأنها لازمة في ذمة المكلف كالديون، وإنما يُسقطُ العبادة فعلُها أو فقد شرطها، ولم يحصل شيء من ذلك، وهذا أحد القولين لأئمتنا الأصوليين والفقهاء.

وفي قوله إذا ذكرها حجة للجمهور على أبي حنيفة حيث يقول: إن المتروكة لا تقضى بعد الصبح ولا بعد العصر. ووجه تمسكهم أنها صلاة تجب بسبب ذكرها، فتفعل عند حضور سببها متى ما حضر، وقد صرح بالتعليل في قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي}؛ فإن اللام للتعليل ظاهرًا، ولا يعارض هذا بقوله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس (١)؛ فإن هذا عام في جنس الصلوات، وذلك خاص في الواجبات المقضيّة. والوجه الصحيح عند الأصوليين بناء العام على الخاص؛ إذ ذلك يرفع التعارض وبه يمكن الجمع، وهو أولى من الترجيح باتفاق الأصوليين.


(١) رواه النسائي (١/ ٢٥٨) من حديث معاذ بن عفراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>