للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَ بِلالا فَأَقَامَ الصَّلاةَ، فَصَلَّى بِهِمُ الصُّبحَ، فَلَمَّا قَضَى صلاته قَالَ: مَن نَسِيَ الصَّلاةَ فَليُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ الله قَالَ: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكرِي} وَكَانَ ابنُ شِهَابٍ يَقرَؤُهَا: لِلذِّكرَى.

ــ

وقوله فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر بلالا فأقام الصلاة، ولم يذكر الأذان، وقد ذكره في حديث أبي قتادة، فاختلف العلماء في الفوائت؛ هل يؤذن لها ويقام؟ أو لا يؤذن لها ولا يقام؟ أو يقام لها ولا يؤذن؟ ثلاثة أقوال، فالأول مذهب أهل الرأي وأحمد وأبي ثور، والثاني مذهب الثوري، والثالث مذهب مالك والأوزاعي، والقول الثاني للشافعي. وقد تأول بعض أصحابنا الأذان في حديث أبي قتادة بمعنى الإعلام، وهو تكلف، بل الذي يجمع بين الأحاديث أنه إن احتيج إلى الأذان بحيث يجمع متفرقهم فُعِلَ، وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة، وإن كانوا مجموعين لم يحتج لذلك؛ إذ ليس وقتًا راتبًا فيدعى إليه الجميع ويعلمونه ويكون شعارًا، وقد قدمنا أن هذه فوائد الأذان، وعلى هذا يحمل حديث أبي قتادة، والله أعلم.

وقوله فصلى بهم الصبح حجة الجميع في الفوائت.

وقوله من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها - وفي لفظ آخر أو غفل عنها، كل ذلك دليل على وجوب القضاء على النائم والغافل، كَثُرَت الصلوات أو قلَّت، وهذا مذهب عامة العلماء. وقد حكي خلاف شاذ عن بعض الناس فيمن زاد على خمس صلوات أنه لا يلزمه قضاء، وهو خلاف لا يُعبأ به لأنه مخالف لنص الحديث.

وأما من ترك الصلاة عامدًا فالجمهور أيضًا على وجوب القضاء عليه، وفيه خلاف شاذ أيضًا عن داود وأبي عبد الرحمن الأشعري، وقد احتج الجمهور عليهم بأوجهٍ؛

أحدها: أنه قد ثبت الأمر بقضاء الناسي والنائم مع أنهما غير مؤثمين، فالعامد أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>