للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ارتَفَعَتِ الشَّمسُ نَزَلَ، ثُمَّ دَعَا بِمِيضَأَةٍ كَانَت مَعِي فِيهَا شَيءٌ مَن مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ مِنهَا وُضُوءًا دُونَ وُضُوءٍ، قَالَ: وَبَقِيَ فِيهَا شَيءٌ مِن مَاءٍ، ثُمَّ قَالَ لأَبِي قَتَادَةَ: احفَظ عَلَينَا مِيضَأَتَكَ، فَسَيَكُونُ لَهَا نَبَأٌ! ثُمَّ أَذَّنَ بِلالٌ بِالصَّلاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكعَتَينِ، ثُمَّ صَلَّى الغَدَاةَ، فَصَنَعَ كَمَا كَانَ يَصنَعُ كُلَّ يَومٍ. قَالَ: وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَكِبنَا مَعَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ بَعضُنَا يَهمِسُ إِلَى بَعضٍ: مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعنَا بِتَفرِيطِنَا فِي صَلاتِنَا؟ ثُمَّ قَالَ: أَمَا لَكُم فِيَّ

ــ

والمِيضَأَةُ: الإناء الذي يتوضأ فيه، وهي التي قال فيها: أطلقوا لي غُمَرِي. والغُمَر: القعب الصغير. ويقال: تغَمَّرت؛ أي: شربت قليلا، قال أعشى باهلة:

يكفيه حُزَّةُ فِلذٍ إن ألمَّ بها ... من الشِّواءِ ويُروي شُربَه الغُمَرُ

وقوله فتوضأ منها وضوءًا دون وضوء؛ يعني وضوءًا مخفّفًا، وكأنه اقتصر فيه على المرة الواحدة، ولم يكثر صبّ الماء لأنه أراد أن يفضل منه فضلة لتظهر فيها بركته وكرامته، وهذا أولى من قول من قال أراد بقوله وضوءًا دون وضوء الاستجمار بالحجارة؛ لأن ذلك لا يقال عليه وضوء عرفًا ولا لغة، لأنه لا نظافة فيه بالغة، ولما روى أبو داود في هذه القصة من حديث ذي مِخبَر الحبشي خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءًا لم يبتلّ منه التراب (١). والأسوة: القدوة.

وقوله فجعل بعضنا يهمس إلى بعض؛ أي: يحرك شفتيه بكلام خفي.


(١) رواه أحمد (٤/ ٩١)، وأبو داود (٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>